غزة اصبحت منعطفا هاما في المنطقة العربية. ومصر والاردن خائفتان من المستقبل

لندن - quot; القدس العربي quot;

تشعر المؤسستان السياسية والعسكرية الاسرائيلية بانهما في ازمة، اذ انه بعد 17 يوما من القصف والدمار يدور نقاش حول اهداف عملية بدأت بدون اهداف واستمرت غامضة، وصار من الصعب تحديد معنى النصر فيها ومن هنا قالت صحيفة ' الغارديان' ان اسرائيل ستجد صعوبة في تعريف معنى النصر لانها كانت غير واضحة في تعريف اهداف العملية، ففي البداية قالت انها تريد وقف الصواريخ، ولكن بعد اسبوعين ادت لمقتل اكثر من 900 ثلثهم اطفال لا زالت الصواريخ تتساقط على اسرائيل.
ثم جاءت الحكومة الاسرائيلية بتبرير اخر وهو ردع حماس وتلقينها درسا حتى لا تفكر مرة اخرى في خرق التهدئة.
وتشير الصحيفة الى ان هناك العديد من السياسيين الاسرائيليين يعتقدون ان المنع لا يمكن ان ينجح مع الحركة الاسلامية فكل صاروخ يسقط على اسرائيل هو انتصار لحماس ولن تتوقف حتى يتم الاتفاق على وقف اطلاق النار وبتنازلات اسرائيلية مثل رفع الحصار وفتح المعابر.
ومن هنا جاء الحديث عن المرحلة الثالثة في العملية حيث يزعم الجيش الاسرائيلي ان حماس وجناحها العسكري تلقيا ضربة قوية وان غزة لم تتحول بعد لمصيدة موت للقوات الاسرائيلية. فالجيش والمؤسسة الاسرائيلية مختلفان حول المرحلة الثالثة والاهداف التي ستحققها. فبحسب محلل ان الهدف هو التأكد ان حماس لن تكون قادرة على تهريب الاسلحة.
ويقول المحللون ان اسرائيل قد تقوم باحتلال المناطق القريبة من الحدود المصرية اذا تم خرق النار. لكن الهدف من المرحلة الثالـثة ليس كما يبدو فبحسب الصحافة الاسرائيلية فالجيش يطالب بانتهاز فرصة لن تتكرر وهي الاطاحة بحركة حماس.
وقرار كهذا فيه مخاطر كثيرة منها خسائر الجيش وامكانية الوقوع في شرك غزة لمدة طويلة. ولكن قادة في الجيش يقولون ان بامكانهم السيطرة على مدينة غزة وبخسائر قليلة.
ويعتقد قادة في الجيش ان المستوى السياسي لم يغير من اهدافه ويخلق وضعا جديدا، حيث سيدخل الجيش المرحلة الرابعة والتي سيتم فيها احتلال غزة بالكامل.
منعطف طريق

ولكن انعكاسات الوضع الجديد على العالم العربي ِستكون مدمرة، فقد كتب اسماعيل باتل في 'الغارديان' قائلا ان ما حدث في غزة سيرسل هزات للعالم العربي وستكون مصر اول من يتأثر بها.
وكتب مدير جمعية اصدقاء الاقصى قائلا ان العملية في غزة جلبت من تحت السطح اتجاهات سياسية جديدة ووضعت العالم العربي على مفترق طرق، حيث سيختار القادة العرب استقلالية القرار عن الدول الغربية او مواصلة الانصياع له خاصة امريكا. وقال ان الحرب التي شنتها اسرائيل على غزة هي الاولى منذ عام 1948 وتتم بدون مساعدة او تدخل من الدول العربية. وقال ان خروج حماس من المعركة صلبة وان جاء بخسائر فادحة فسيؤدي لتقويتها خاصة انها حركة قوية وسياسية متجذرة في الشارع الفلسطيني. وقال ان الهزة الكبرى بدأت تظهر على الحاكم لمدى الحياة الذي سار عكس مشاعر شعبه، متحدثا عن مصر. واشار الى ان الشعب المصري يجرؤ كل يوم على الرغم من سياسة القبضة الحديدية التي يمارسها النظام ضد السكان.وختم مقاله قائلا ان مستقبل التحالف بين اسرائيل ومصر والجيران يعتمد بالضرورة على ان يتم التوصل لتسوية عبر التفاوض او حرية واستقلال من خلال المقاومة.
والى هذا اشار تقرير في صحيفة 'نيويورك تايمز' حلل انعكاسات الازمة على كل من مصر والاردن، حيث قالت الصحيفة ان تواصل العملية يقضي تماما على العملية السلمية وحل الدولتين. وقالت ان دولا كمصر والاردن تخشى من ان تجبر على استيعاب اللاجئين الفلسطينيين. وفي حالة رفض اسرائيل تحمل مسؤولية الكارثة الانسانية في غزة فمصر قد تجبر على ملء الفراغ.
فيما يخشى الاردن ان تقوم اسرائيل بدفع سكان الضفة الى الرحيل للاردن، مما يعني ان تقوم الدولتان بحماية الفلسطينيين وهذا ما سيؤثر على معاهدات السلام مع اسرائيل. وتعرضت مصر لانتقادات بسبب رفضها فتح معبر رفح. ويقول سفير مصري سابق ان غزة لم تعد ارضا مصرية ومصر ترفض تحمل مسؤوليتها. ونقلت عن مستشار سابق للعاهل الاردني قوله ان الوضع مقلق للاردن، فمع ان فكرة ترحيل اهل الضفة بعيدة الا ان الصيغة التي ستؤدي لفقد اهل الضفة اراضيهم قد تؤدي لفقدان الاردن هويته، وهذا امر مقلق.
من جهة اخرى كتب مراسل 'الاندبندنت' في غزة فارس اكرم عن التشريد الذي يتعرض له الغزيون قائلا انه حمل امتعته مع 60 الف غزي واصبحوا لاجئين مرة اخرى، وبعد فترة لن يكون هناك مكان للجوء اليه.

قنابل فسفورية صناعة امريكية

وظللت صحيفة 'التايمز' استخدام اسرائيل للفسفور الابيض الممنوع دوليا حيث شاهدت اثاره على اهل غزة. وقالت ان اكثر من 50 مدنيا نقلوا لمستشفى ناصر في خان يونس متأثرين بالحروق التي جاءت بسبب التعرض للفسفور الابيض. ونقلت عن مسؤول طبي قوله ان الطاقم الطبي ليست لديه الخبرة لتحديد اسباب الحروق. وبعد البحث تم التأكيد انها جاءت بسبب الفسفور الابيض.
وقال الطبيب الفلسطيني انه يعمل منذ اكثر من عشرة اعوام في المستشفى لكنه لم ير مثل هذه الحروق ابدا في حياته. ويحظر قانون جنيف لعام 1980 استخدام الفسفور الابيض في المناطق المدنية كسلاح. ووصف مواطن من القرارة قوله ان انفجارا ادى لسحابة بيضاء لامست اقاربه الذين اخذوا يصرخون من الحروق التي اصابت اجسادهم بسبب ملامسة المادة لجلدهم.
وقالت الصحيفة انها سألت الاسبوع الماضي مسؤولا اسرائيليا حول استخدام المادة الامر الذي نفاه بشكل قاطع. وبحسب بيان من الجيش الاسرائيلي جاء فيه ان الجيش لا يحدد انواع الذخائر التي يستخدمها ولكن ما يستخدمه هو ضمن القوانين الدولية. ولكن منظمة 'هيومان رايتس ووتش' لديها ادلة ان المادة الفسفورية البيضاء يستخدمها الجيش.
وبحسب البحث الذي قامت به الصحيفة فان الذخائر المصنعة امريكيا وتعرف باسم 'ام 825 اي ال' تحتوي على الفسفور الابيض. وتشير نوعية القنابل التي اطلقت على غزة الى انها مصنعة في امريكا عام 1991. واشارت الى الجهة المصنعة لها وهي تشامبرلين مانيوفكتشارينغ جنرال دايناميك اند اوردينانس اند تاكتيكال سيستم.

استراتيجية النصر لحماس

وعن استراتيجية حماس لهزيمة اسرائيل اشار تقرير لـ'التايمز' جاء فيه انها تقوم على الانفاق والمصيدة والاستشهاديين. ونقلت عن مقاتل قال ان غزة ستتحول الى بركان ينفجر تحت اقدام الجيش الاسرائيلي وستهزم اسطورة جيشهم الذي لا يقهر. وقال المقاتل ان جنود حماس هم جنود يقبلون نحو الموت اما هم اي الجنود فيفرون منه. ونقل عن المقاتل خطة حماس لهزيمة الجيش والتي تتكون من شبكة هائلة من الانفاق المصممة لاعطاء مقاتلي حماس الفرصة للهجوم والانسحاب ومداهمة الجيش الاسرائيلي. وتحدث عن الغام. ووصف المقاتل ان هناك خططاً للدفاع عن كل منطقة في مدينة غزة. وكيف يتم ملء فراغ مقاتل قتل او اسر بآخر. ويقول ان المقاتلين يغيرون اماكنهم بشكل دائم ولديهم نظاماً سرياً من الاتصال والتضليل.
ويقول انهم يلبسون الزي المدني ولا يتحركون في جماعات ويخفون اسلحتهم. واكد المقاتل ان حماس لم تخسر الا عددا قليلا من مقاتليها وان لديها مصدر تزويد لا ينتهي من السلاح.
ونقل عن محلل عسكري اسرائيلي قوله انه اندهش للتحضيرات التي قامت بها حماس. لكن الجيش الاسرائيلي يقول ان اكثر من 300 من مقاتلي حماس قتلوا وان الجناح العسكري بدأ يتكسر تحت ضغط الغارات ولهذا قرر الجيش التقليل من الغارات فوق غزة في اليومين الماضيين. وهذا ما دعا مسؤولين امنيين للقول ان حماس ستقبل وقف اطلاق النار بسبب الضرر الذي تم احداثه على البنى التحتية والضربة التي تلقاها الجناح العسكري.
ويقول الاسرائيليون ان الوضع في غزة مختلف عن الموقف المتشدد القادم من دمشق، ومع ذلك لا يتوقع الجيش ان ترفع حماس الراية البيضاء. ونقلت 'نيويورك تايمز' عن مسؤول امني قوله ان الرسائل القادمة من غزة تشير الى ان حماس راغبة جدا بوقف اطلاق النار. وهو ما يتناقض مع موقف حماس في دمشق.