سعود عبدالعزيز العصفور
في الأيام الخوالي الجميلة التي كان فيها وزير المالية السابق بدر الحميضي حديث الصحافة وفتاها الأول، كان له تصريح شهير تناقلت أخباره الركبان وانتشر صيته بين العربان يعزو فيه تنمية دبي لعدم وجود laquo;مجلس أمةraquo; هناك! واليوم تحمل لنا نشرات الأخبار الاقتصادية خبر عجز دبي الإمارة عن تسديد أقساط ديونها وتأجيلها السداد حتى العام المقبل، فيما ينبئ بإفلاس تاريخي للإمارة ما لم تتدخل جارتها أبو ظبي، مرة أخرى، لتحميها من دائنيها وتقيل عثرتها وترفع عنها حرج laquo;البيع القطاعيraquo; لأصولها وممتلكاتها! ما حدث يثبت لنا مرة أخرى أن القرار الفردي القائم على laquo;رغبةraquo; وlaquo;حلمraquo; القائد الفرد الأوحد هو خيار خاطئ ويقود إلى الكوارث مهما غطت عين السماء جبال الاسمنت وزينتها ألوان كشافات الأبراج! وأنه لا بديل عن تنمية الفرد والاستثمار فيه وإشراكه في إدارة شؤونه، ووجود مجلس يشرع ويراقب، مثل مجلس الأمة، هو الحصن الأول لإبعاد تلك المغامرات الشخصية غير المحسوبة وتلك النزوات الجامحة غير المدروسة، فالرأي يقول أن عقلين أفضل من عقل واحد وبالتأكيد فإن خمسين عقلاً أفضل من عقل واحد حالم وإمكاناته محدودة!
نربط ذلك مع الخبر الآخر المقبل من سواحل البحر الأحمر، والذي يقول بأن 70 في المئة من مدينة جدة لا يوجد بها شبكات لتصريف الأمطار، وأن البناء العشوائي غير المنظم وغير المرخص وغياب مخطط تنظيمي للمدينة، هي الأسباب الرئيسية التي أودت بحياة المئات هناك! في بلد مثل المملكة العربية السعودية، أكبر منتج ومصدر للنفط والبلد الأكبر خليجياً في اقتصاده لا تزال أكبر مدنه الغربية من دون شبكة للصرف الصحي رغم أن ما خصص للصرف الصحي في مدينة جدة فقط خلال الخمسة أعوام الماضية يزيد على عشرة مليارات ريال سعودي! والأغرب من ذلك كله هو إنشاء أنفاق من دون أن يكون لتلك الأنفاق قنوات تصريف لمثل هذه الأمطار! وبعد ذلك كله يصرح أحد المسؤولين في مدينة جدة بأن السبب الرئيسي للكارثة هو أنهم، ببساطة، لم يتوقعوا حدوث كارثة! وتمر الكارثة من دون أن يُحمل أحد المسؤولية ولو حتى laquo;فراش البلديةraquo; هناك!
نسوق هذه الأمثلة لكل من يعتقد أن وجود مجلس الأمة هو معطل للتنمية، فهذه دول لا وجود للبرلمانات الرقابية والتشريعية فيها، ويحرص البعض بين فترة وأخرى على ضرب الأمثلة بها للتدليل على التطور والتقدم والتنمية كلما أرادوا أن يروجوا لخيار تعليق الدستور وللحل غير الدستوري! وتذكروا أن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، وأن غياب عوامل المحاسبة والرقابة الشعبية هو مدخل للتدهور والتراجع! وكل مجلس وأنتم بخير.
- آخر تحديث :
التعليقات