واشنطن بوست
واشنطن
كتب آرون ديفيد ميلر، وهو باحث في السياسة العامة بمركز وودرو ويلسون للباحثين، مقالاً نشرته صحيفة واشنطن بوست، خصصه للحديث عن عودة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية بتوسط من الإدارة الأميركية مرة أخرى. ويتساءل الكاتب عن إمكانية خروج هذه الجولة بنهاية سعيدة على الرغم من الشكوك المتبادلة، والقيود السياسية الداخلية، والخلافات الموضوعية بين الطرفين التي تعرقل المحادثات. ثم يسرد الكاتب الأساطير الخمس التي من شأنها تصعيب دور التوسط الذي تلعبه الإدارة الأميركية، وهي:
1ـــ المفاوضات المباشرة هي مفتاح التوصل إلى اتفاق، وهو ما يؤكد التاريخ عكسه تماماً باستثناء معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية عام 1994. حيث آلت اتفاقية أوسلو في التسعينات إلى كارثة، عندما طغى عدم الوفاء بالإلتزامات والعنف والإرهاب على كل من الفلسطينيين والإسرائيليين.
وقد التقيت بمفوض السلطة الفلسطينية صائب عريقات عام 1995، عندما أعلن استياء شديدا عن أنه بمقدور الفلسطينيين الحصول من إسرائيل مباشرة أكثر مما يمكنهم الحصول عليه بواسطة الولايات المتحدة.
ورغم الحاجة الماسة إلى المحادثات المباشرة التي تبني الثقة بين الجانبين، فإن ذلك ليس كافياً للتوصل إلى اتفاق، وعلى الولايات المتحدة أن تستثمر وجودها في المفاوضات لملء الفراغ في القضايا الرئيسية مثل الحدود وموقف القدس، ودفع مليارات الدولارات لدعم الاتفاق، وربما نشر القوات الأميركية في وادي الأردن لمراقبة الترتيبات الأمنية. فبدون المشاركة الأميركية النشيطة، لن يكون من المحتمل التوصل إلى اتفاق بل وتطبيقه.
2ــ الولايات المتحدة وسيط أمين في عملية السلام، وهو ما لم يتمكن من تحقيقه الرؤساء الديمقراطيون أو الجمهوريون طيلة الأعوام الـ16 السابقة نظراً للعلاقة الخاصة التي تربط الولايات المتحدة بإسرائيل.
ولا يمكن للولايات المتحدة أن تنحاز إلى جانب عن الآخر، وعليها تبني مواقف التفاوض التي تعكس توازن المصالح بين الجانبين. وعلى إدارة أوباما إيجاد هذا التوازن، الذي لم يتمكن الرئيسان جورج بوش وبيل كلينتون من تحقيقه.
في وجه صنع السلام، حيث أن إنشاء المستوطنات بالضفة الغربية الذي دام لأكثر من أربعة عقود، كان من شأنه تعقيد العملية أكثر مما كانت عليه.
ورفض إسرائيل تمديد تجميد المستوطنات يهدد المفاوضات قبل دخولها المرحلة الجدية. كما لم تأخذ الإدارات الأميركية المتعاقبة قضية المستوطنات بالجدية المطلوبة، بعد أن آمنت بأن المفاوضات هي السبيل الوحيد للفلسطينيين لمناقشة هذه القضية. ولكن حتى ولو تم حل قضية المستوطنات هذه الأيام، فإن المفاوضات ستواجهها مشكلة كبرى أخرى وهي حكم سلطتين لمنطقتين مختلفتين ووجود رؤيتين مختلفتين للمستقبل الفلسطيني.
4ـــ الضغط على الإسرائيليين هو السبيل الوحيد للتوصل إلى اتفاق، حيث كان ضغط إسرائيل ( والعرب أيضاً) جزءاً حتمياً في كل المفاوضات الناجحة التي شاركت فيها الولايات المتحدة. إلا أن هذا القتال يجب أن يظهر من خلال علاقة تقوم على الثقة وتقديم احتمال تحقيق المكاسب وليس فقط احتمال الألم. فقد أخطأ اوباما عندما اعتقد أنه بإمكانه الضغط على الإسرائيليين لقبول هذا التجميد، إذ أعلن في الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر المنصرم أن على إسرائيل تمديد التجميد على الرغم من رفض نتانياهو، وهو ما يوضح ضعف الولايات المتحدة. وتحاول الإدارة الحفاظ على المحادثات من خلال تقديم الضمانات للطرفين: بمعنى الضمانات الأمنية للإسرائيليين، والإهتمام بحدود يونيو 1967 ومقايضة الأراضي.
5ــ السلام الإسرائيلي العربي ضروري لتأمين المصالح الأميركية في الشرق الأوسط، هذا عامل المساعد ولكنه لا يكفي للتغلب على التحديات التي بالمنطقة، وهو ما أكده مستشار الأمن القومي جيمس جونز عام 2009 قائلاً إنه laquo;إذا كانت هناك مشكلة أوصي الرئيس بحلها، فستكون هذه هيraquo;.
ان السلام العربي الإسرائيلي لن يؤدي إلى استقرار أفغانستان ولا تسهيل انسحاب القوات الأميركية منها، ولا الاتفاق بين السنة والشيعة والأكراد بالعراق، ولا وقف إيران من امتلاك المواد التي تمكنها من صنع السلاح النووي، ولا دفع الأمم العربية على احترام حقوق الإنسان، ولا القضاء على المشاعر المعادية للولايات المتحدة. وعلى الرئيس أوباما ألا يقلل من أهمية السلام، وألا يبالغ فيه أيضاً.
التعليقات