سعد محيو

لبنان وصل، أويكاد، إلى ساعة الحقيقة .

صحيح أن التكتكات الأولى لهذه الساعة لن تبدأ إلا في ختام زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للبنان، إلا أن الظروف الموضوعية باتت جاهزة لدفع لبنان إلى هذه النقطة .

فعلى الصعيد الدولي، أسدل موقف بان- كي مون المانع القاطع حيال التمسّك بالمحكمة الدولية، الستار على جهود دبلوماسية بُذلت على مدار الساعة لمحاولة إلغاء هذه المحكمة أو على الأقل تركها تحتضر ببطء . وقد شارك في هذه الجهود ليس فقط سوريا والسعودية، بل حتى أيضاً الرئيس اللبناني ميشال سليمان، الذي طلب بصراحة من بان-كي مون وضع مصير بلاده في الاعتبار قبل تحريك المدفعية الثقيلة للمحكمة (القرار الظني) .

وعربياً ومحلياً، كانت الصورة تتبلور بسرعة ضوئية بعد أن شهرت دمشق علناً سيف إلغاء المحكمة، فتكامل موقفها بذلك على نحو متطابق مع رأي حزب الله، مانحّى جانباً كل الاجتهادات حول خلافات واختلافات بين الطرفين .

هذه التطورات أفرزت في لبنان ثلاثة سيناريوهات محتملة:

الأول، يُقدّم بموجبه سعد الحريري استقالته، لعجزه عن قبول الشروط المشتركة لسوريا وحزب الله . وحينها يجرى تشكيل حكومة جديدة برئاسة سياسي (أو سياسية) لايجد (أو تجد) غضاضة في إصدار بيان يتنصّل فيه من القرار الظني تحت شعار ldquo;منع المحكمة من تدمير الحكمrdquo; .

السيناريو الثاني يرفض الحريري الاستقالة، سواء قبل صدور القرار الظني أو بعده . وهذا سيؤدي إلى انسحاب وزراء 8 آذار/مارس من الحكومة، ثم إلى تظاهرات شعبية عارمة قد تتطور إلى اضطرابات أمنية لإسقاط الحكومة بسلطة الشارع أو بقوة السلاح .

السيناريو الثالث يقوم على فرضية أن مايجري في لبنان هذه الأيام أبعد بكثير من مجرد قرار ظني أو محكمة دولية . لماذا؟ لأن سوريا وإيران، وفق هذا السيناريو، تعتبران أن الفرصة أكثر من سانحة لمسح كل آثار انقلاب بوش- شيراك عليهما العام ،2004 والذي أسفر عن إجبار سوريا على سحب قواتها من لبنان العام 2005 ثم الانقضاض على حزب الله في حرب 2006 .

فالولايات المتحدة في حال تراجع وانحسار واضحة في الشرق الاوسط، وهي بالكاد تتحرك لاتخاذ مواقف حاسمة ضد دمشق وطهران في لبنان . هذا في حين أن الرئيس الفرنسي ساركوزي متورط في مشاكل داخلية ضخمة بدأت تضعضع سلطته، وهو علاوة على ذلك لايرغب في الاصطدام مع سوريا التي يُعوّل عليه كثيراً كبوابة لمشروعه المتوسطي الجديد .

وبما أن تيار 14 آذار/مارس كان الابن الشرعي للانقلاب البوشي- الشيراكي، وبما أن هذا الانقلاب فشل في تحقيق كامل أهدافه، فقد حان الوقت للتخلّص من هذا التيار أو على الأقل تحجيمه عبر دفعه إلى صفوف المعارضة، ثم العمل على بناء نظام سياسي لبناني جديد .

أي السيناريوهات الأقرب إلى التحقق؟

السيناريوهان الأول والثاني يبدوان هما الأكثران منطقية، لأن السيناريو الثالث (تغيير النظام أو طائف -2) سيتطلب في خاتمة المطاف موافقة أمريكية لن تُعطى إلا إذا تم تجريد حزب الله من السلاح .

بيد أن زمام الأمور قد يفلت إذا ما استمرت الاضطرابات السياسية والأمنية أطول مما هو ldquo;مُخططrdquo; لها .

وحينها، سيقترب من ساعة الحقيقة سيناريو رابع: حرب ldquo;إسرائيليةrdquo; جديدة من طراز غزو 1982 .