داود الشريان
دعوة رئيس laquo;اللقاء النيابي الديموقراطيraquo; وليد جنبلاط، سعد الحريري الى إبعاد بعض مرافقيه، تعبّر عن رغبة اطراف عديدة في لبنان وخارجه. هذه الدعوة سبق ان جاءت من دمشق، في شكل غير مباشر، عبر مذكرات التوقيف، التي قيل ان صدورها كان هدفه تحقيق هذا الغرض، لذلك اصبح الحديث عن التضحية برجال الحريري أحد شعارات التغيير التي يشهدها لبنان. والقضية لن تتوقف عند إبعاد المرافقين، والمحيطين برئيس الحكومة سعد الحريري، هذه هي البداية، والمطلوب تهيئة الساحة السياسية في لبنان للتعامل مع تداعيات المحكمة، وأول إجراءات هذه العملية تغيير وجوه laquo;المستقبلraquo;، والإتيان برجال يقبلون بمبدأ التفاهم، ويميلون الى laquo;السلامraquo;.
لا شك في ان المطلوب من سعد الحريري الاختيار بين موقع الوريث، وموقع رئيس الوزراء. وسعد يبدو، حتى الآن، اكثر ميلاً الى الصفة الثانية، لكنه اعتقد ان بالإمكان لعب دور رئيس الوزراء مع الاحتفاظ ببعض ملامح موقع laquo;ولي الدمraquo;، وظن ان الاعتذار الشفهي سيكون كافياً للعبور الى مرحلة المصالحة، لكن الواضح انه اخطأ التقدير. المصالحة ليست هدفاً كما تصوّر الحريري، بل وسيلة لدخول المرحلة المقبلة. إنها مجرد خطوة أولية على طريق تصحيح المسار السياسي، وهو طريق طويل ومعقد وشاق. ويستلزم تصفيات معنوية، تشمل الوجوه، والخطاب السياسي.
الأكيد ان المحكمة الدولية باتت مشكلة الجميع، محلياً وإقليمياً. أصبحت مشكلة أمام الخائف من أحكامها، والخائف من تبعات المطالبة بالتخلص منها، وعدم الحماسة لها. لكن اللافت ان الخائف من الاتهام والإدانة هو أكثر قدرة على التحرك والمناورة، من أصحاب المحكمة laquo;المترددينraquo;. هذه المفارقة تشير بوضوح الى ان المحكمة الدولية عملية سياسية، مهما قيل العكس، وتعطيلها وإتمامها، لا علاقة لهما بالتمويل، والجدل الدائر على الساحة اللبنانية عن شهود الزور. وليس مبالغة القول ان التنبؤ بمستقبل هذه المحكمة يتطلب متابعة التطورات في العراق، والمفاوضات بين سورية وإسرائيل.
المحكمة أصبحت أداة لقياس التوجهات السياسية في المنطقة، لكن إعجاب اللبنانيين ببلدهم جعلهم يعتقدون بأن المحكمة همّ دولي، وهي ليست كذلك ولن تكون.
التعليقات