عاصم حمدان

تحدثت في مقالة الأسبوع الماضي عن ضرورة مراجعة التيارات الإسلامية لكثير من طروحتها إزاء التقنيات الحديثة التي كانت نتيجة مباشرة للحضارة الغربية المعاصرة والتي أفادت كثيراً من الحضارة العربية والإسلامية في العصور الوسطى، وإن تلك المراجعة تُجنِّب شباب الأمة كثيراً من علل الانفصام والازدواجية، بل لا يخفى على أحد أن أولئك الشباب الذين وقعوا تحت تأثير الطروحات المتشددة والموقف السلبي من مستجدات الحياة دفعهم لهجر منازلهم والاتجاه للقدح في عقائد أهليهم بل أحياناً للقدح في علماء الأمة من السلف الصالح من أمثال laquo;ابن حجر العسقلانيraquo; وraquo;النوويraquo; وraquo;أبي حامد الغزاليraquo;.. وسواهم، بل ذهب أحد المنظِّرين المتشدِّدين، ويُدعى laquo;أبوجندل الأزديraquo; للقول بأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يشير إلى فتح القسطنطينية على يد أمير مؤمن، لا ينطبق في رأيه على السلطان العثماني laquo;محمد الفاتحraquo; بذريعة أنه مات حنفيًّا ndash; نسبة للإمام أبوحنيفة النعمان- وماتريديًّا، والقدح في الإمام أبي حنيفة هو - للأسف الشديد ndash; من أدبيات بعض التيارات الدينية المتشددة وخصوصاً السلفية الجهادية والقاعدة وطالبان، وهذه الأخيرة تقدِّم صورة أبعد ما تكون عن الإسلام وسماحته ووسطيته واعتداله، وكيف يستقيم أمر ادِّعائها بالتمسك بالإسلام وكثير من سلوكياتها يبعث على الأسى في نفوس الآخرين، فلقد نقلت بعض القنوات العربية المعروفة باتجاهاتها المعتدلة والموضوعية بل بانحيازها للرؤية الإسلامية، نقلت صوراً لفتيات أفغانيات تشوَّهت وجوههن من جراء معاقبتهن بمادة laquo;ماء النارraquo; بسبب التحاقهن بالمدارس، بل نقلت صور فتيات مُحجَّبات يُصيبهن الذعر عند الذهاب إلى المدارس، لأن طالبان ترى في التعليم المدني خروجاً على رؤيتها المتشددة، ونقلت نفس القناة ndash; الجزيرة ndash; كيف أن شباب المجاهدين في الصومال يُفتِّشون السيارات المتنقِّلة بحثاً عن الجوالات المزودة بالكاميرا.
ترى أين عقلاء الأمة ومفكِّريها عن نقد هذه السلوكيّات البعيدة عن حقيقة الإسلام..؟!.