يوسف الكويليت
بداية العام القادم ينتظر السودان زلزال التقسيم، والذي طُبخ على نيران أمريكا والغرب بمساعدة دول أفريقية، والموضوع إن تحقق وفق استفتاء حر، وحدث الانفصال، فالتوابع القادمة ستكون الخطر الباعث على وحدة السودان برمته، لأن كل إقليم لديه رغبة الانفصال سيتخذ الجنوب ذريعة وسابقة يجب تطبيقها بنفس المواصفات والمقاييس..
الجنوب السوداني، يعرف أنه عاش على ريع الشمال، وأن ما يقرب من ستة ملايين من شعبه يقطنون الشمال وضمن ظروف صعبة، لكنها أهون من الحروب وعوامل المجاعة هناك، وهذه قضية، بحد ذاتها، ومشكلة إذا ما بقوا، أو علقت هويتهم بين الطرفين، وربما يستخدمها الشمال ورقة ضغط فيما لو اشترط تهجير أولئك، إذ إن الجنوب لا يملك الكوادر للحكومة، أو البنية الأساسية التي تجعل استيعاب ملايين مضاعفة على السكان الحاليين يفترض وجود مساكن ومستشفيات ومدارس وميزانيات ترعى هذا العدد، وهي ليست بالمنظور القريب، متوفرة..
الجانب الخطير أن المفاوض الجنوبي لا يتحدث بصفة من يوقعون على نتائج الاستفتاء شخصيات حكومية ملتزمة، بل منظمة، وهذا ما جعلهم يترددون في قضية ترسيم الحدود المؤجل، حتى يتم تشكيل الحكومة في إطارها القانوني، وهو ما رفضه الشمال أن يقترن الاستفتاء بأسبقية الترسيم، وهي الحيلة التي يحاول الجنوبيون تمريرها حتى تصبح مشكلة أخرى، والجانب الآخر أن الدولة القادمة ستكون داخلية أي ممراتها مرتبطة بشمال السودان، أو أوغندا، أو كينيا، ومطامع الدولتين الأفريقيتين، أي أوغندا وكينيا، مهيأة ومخطط لها، إما باحتواء الجنوب، أو فبركة وحدة مع أحد البلدين، أو تقسيمه بينهما في حال وجدت رغبة دولية ترى في هذه الاحتمالات مخرجاً من تحمل تبعات بلد جديد يحتاج إلى أطر وقوانين وميزانيات، وبالتأكيد فأي حدث يجري وفق تلك السيناريوهات سوف يؤثر في أمن الشمال، وهنا تبرز مسألة أخرى، أي أن أي خلل يؤدي إلى تجزئة السودان سيكون ضغطاً وتهديداً لأمن مصر، والبديل، سواء أمام مخطط تقاسم مياه النيل التي برزت خلال الأشهر الماضية، أو ما يخطط من خلق أوضاع جديدة، يفترض، وبعقلانية تراعي المسؤولية القومية، أن يتجاوز البلدان خلافاتهما ويخططان، وبشكل جدي لوحدة البلدين وفق أسس موضوعية، أو التمهيد لها بتكامل اقتصادي ثم أمني، فسياسي وضمن خطوات تراعي كل المعوقات وتخطيها، على أن لا يقاس الموضوع على وحدة المخاطر فقط، بحيث تنشأ كرغبة آنية بين البلدين وإنما لتأكيدها، طالما كل الظروف تهيئ لذلك..
قطعاً، نعرف سلفاً، أن خلق كيانات كبرى، وفي منطقتنا بالذات سيجعل الدول الأخرى مثل أمريكا وأوروبا مانعاً أساسياً طالما هي من تسعى للتفتيت، ومع ذلك لو تحققت إرادة البلدين، مصر والسودان، فإن العوائق الأخرى لن تعوق وحدة بإرادة وطنية..
التعليقات