جاسر الجاسر

كالعادة، يتحدث الرئيس السوري بشار الأسد بشفافية وصدق، ويبتعدُ كثيراً عن سلوك الطُرُقِ الالتفافية التي اعتدناها من السياسيين.الرئيس بشار الأسد لا يتوانى في قول ما يعتقده، حتى وإنْ لم يعجب من يلتقيه، فالرجل يتمسَّك بما يراه إلى حَدٍّ يصبح عنده مسألة مبدأ لا يتزحزح، ويعود ذلك إلى أنَّه يُفكِّرُ كثيراً قَبْلَ أنْ ينطق ما يعتقد به، وأن خُطَبَه والأحاديث الصحفية التي يدلي بها لا تُوضَعُ له ولا يكتُبُها آخرون.

فخطبه وأحاديثه مرتجلةٌ، وأفكاره مرتبةٌ ومخزنة ومتوافقة مع ما يؤمن به، ولذلك فإنَّ ما يقوله اليوم يكرره غداً، وما كان قد ذكره أمس لا تناقض فيه، بل ثبات على المبدأ والأفكار.

مثل هؤلاء القادة لا تَجِدُ صعوبةً في التعامل معهم حتى وإن اختلفتَ معهم، وهي نوعية قد تكون خاصة سورية، فالرئيس بشار الأسد يكرر ما كان عليه والده الرئيس الراحل حافظ الأسد.

في الحديث الصحفي الأخير للرئيس بشار الأسد لم يخرج عن المعتاد، الوضوح والشفافية وخصوصاً عند إجاباته عن أهم القضايا العربية التي تشغلنا، فعن العلاقات السعودية - السورية أشار الأسد إلى حقيقة مهمة الكل يعرفها، وهي وجود علاقة شخصية متميزة بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد، هي الضمانة القوية لهذه العلاقة التي تُعَدُّ في هذه المرحلة القاعدةَ الأساسيةَ لبناء علاقات عربية - عربية لا تشوبها شائبة.

المحور الثاني في اللقاء الصحفي، تناول العلاقات السورية - اللبنانية التي لا تُعَدُّ قضية تخصُّ السوريين واللبنانيين فقط، فهي إحدى القضايا العربية التي تستأثر باهتمام المواطن العربي، ويختلط بها الشأن المحلي بالقومي، والتدخل الإقليمي والدولي.

وفي هذا المحور جدَّدَ الرئيس الأسد أهميةَ وقوةَ العلاقةِ الشخصية بينه وبين رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الذي يجده الرجل المناسب جدَّاً لهذه المرحلة.

وهذا القول بحدِّ ذاته ردٌّ على كل محاولات التشويه التي صُدرتْ ممن يُحْسَبون على سورية في الداخل اللبناني والموجه للرئيس الحريري.

وقول الرئيس الأسد بقدر ما هو تزكية لرجل يستحق ذلك، إلا أنَّه يُعَدُّ أيضاً ردَّاً على كل حملات الإساءة والتشويه.

وفي شأن العلاقات العراقية -السورية والوضع في العراق، كانت إجابات الرئيس بشار الأسد واضحةً لا لَبْسَ فيها، مشخصةً ما يجب أن تكون عليه آليات الإصلاح في العراق من خلال تشكيل حكومة وحدة فعلية لا يستبعد أيَّ مكون عراقي، وأن تترجم الحكومة القادمة وحدةَ العراق على المستوى الشعبي، وأن تُلغَى المقاييس الطائفية التي خَرَّبَتْ النسيج الاجتماعي في العراق.

ومن الشفافية في ردود الرئيس الأسد عن الوضع في العراق إقراره بوجود مصالح لدول الجوار، كتركيا وإيران وحتى سورية، وأنَّ من ساعد على تحقيق مصالح تلك الدول العراقيون أنفسهم.

ردود الأسد أعطتْ صورةً شفَّافةً عن السياسة السورية في المحيطين الإقليمي والعلاقات مع الجوار. وكم نتمنى أنْ يتمَّ ويجرى التعامل مع روح فكر الرئيس السوري سواء من البعض في الداخل السوري أو ممن يُحْسَبون على سورية وبالذات في لبنان.