القاهرة - العرب


فيما اعتبره مراقبون انتكاسة لجهود عربية بذلت مؤخرا لتلطيف الأجواء بين القاهرة ودمشق، دشنت صحيفة الأهرام المصرية القريبة من دوائر صناعة القرار حلقة جديدة من التوتر بين أبرز قطبين فيما بات يعرف بمعسكري laquo;الممانعةraquo; و laquo;الاعتدالraquo; في العالم العربي.
فقد شنت الصحيفة هجوما لاذعا على الرئيس السوري بشار الأسد، وطالبته بتغيير سياسة دمشق في المنطقة وفك تحالفه الاستراتيجي مع النظام الإيراني الذي يغضب سلوكه في المنطقة العربية نظام الرئيس حسني مبارك، كما ألمحت إلى تقاعسه عن تحرير الجولان المحتل منذ عام 1967. واتهمت الأهرام في مقال رئيسي كتبه رئيس تحريرها أسامة سرايا، سوريا بأنها تساعد إيران في فرض نفوذها وهيمنتها في العراق ولبنان والخليج وفلسطين، وقالت laquo;لا تريد مصر من الحكومة السورية الآن إلا أن تكف عن لعبة التوفيق بين التناقضاتrlm; وتسويق هذا الوهم في المنطقةraquo;.
وتابعت الصحيفة أن laquo;هذه التناقضات التي جاء بها الرئيس السوري تجعلنا نتوجّس خوفاً منه،rlm; لا من إيران وحدهاrlm;.rlm; لقد أوهمنا الأسد بأنه مع المقاومة،rlm; وهذا خط أحمر لا يتخلى عنه في سياسته، لكننا نعرف جيداً أنه عملياً ليس مع المقاومة،rlm; وإلا لكانت المقاومة في الجولان لاسترداد الأرض وتحرير ما بقي من التراب السوري أولى بجهوده ومساعيهrlm;raquo;. وأضافت laquo;لكن إذا كانت المقاومة لحساب إيرانrlm;،rlm; فيبدو أنه معهاrlm;rlm; لمصلحة ألاعيب سياسية إقليميةrlm;،rlm; تتغذى من القضايا القومية العربية، مثلما تستخدم قضايا العرب وهمومهم عبر التاريخ لمصلحة الاستئثار بالسلطة أو لمصلحة أهداف أخرى غائبة،rlm; بينما تتأخر الحلول وقضايا العربraquo;rlm;. وأشارت الأهرام إلى أن laquo;ما تريده مصر من سوريا هو التعاون مع العرب في وقف النفوذ الإيراني في فلسطين، وألا تكون يد إيران في مساعدة الأقليات الشيعية في الخليجraquo;.
وأضافت laquo;قد نقبل الاختلاف في الآراء مهما تكن، rlm;ولكن حين تتحول إلى سلوكيات وتحركات وبرامجrlm; تعمل سوريا مع إيران على تنفيذها على حساب مصالح الشعوب وأمن الدول العربية،rlm; فهذا واقع جديدrlm;rlm; يتطلب تحركات مختلفة لا تتعامل بمثل التسامح في اختلاف الآراءraquo;. وكتبت الصحيفة laquo;ما ذكره الرئيس السوري عن علاقات مصر بسوريا بأنه لا يريد شيئا من مصر، فإن مصر تريد الكثير من سوريا الأرض والشعب والتاريخrlm;..rlm; سوريا التي كانت دوما سندا لمصر في صد العدوان على المنطقة عبر التاريخraquo;. وجاء ما كتبته الصحيفة المصرية وسط تصاعد الحديث عن تحول سوريا إلى نقطة استقطاب لجهود المصالحة بين الفرقاء الفلسطينيين، والتي ظلت مصر إلى وقت قريب تحتكر أغلبها دون تحقيق أي اختراق، وفي غمرة التوتر في لبنان حول محكمة رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري التي تعارضها دمشق وتؤيدها القاهرة.
لكن الرئيس السوري كان قد قال في حوار صحافي: laquo;أنا لم أطلب شيئاً من مصر، ولا أريد شيئاً من مصر، وإذا كنا نختلف سياسياً، فهذا ليس جديداً.. ونحن في سوريا نقول: لنفصل العلاقة الشخصية أولاً عن علاقة البلدين، لنفصل العلاقة السياسية عن العلاقة الاقتصادية، وكان لدينا وزراء سوريون في مصر أخيراً، وسيزورنا الآن وفد مصري، ونعمل لانعقاد اللجنة المشتركة.. أما على المستوى السياسي، فهناك اختلاف كبير في الآراء. بالنسبة إلينا في سوريا ليست تلك مشكلة، ربما يكون لدى بعض المسؤولين في مصر مشكلة، ولا أستطيع أن أعطي الإجابة نيابة عنهمraquo;. ونفى القول ما إذا كانت العقدة لبنان أم المصالحة الفلسطينية، وأوضح: laquo;الغريب أننا في سوريا لا نعرف ما المشكلة، لذلك قلت لك أنا لا أريد شيئاً من مصر، وكي تكتمل الصورة لا بد أن تسأل الإخوة فيها ماذا تريدون من سوريا؟ عندها تحصل على الجوابraquo;.
وجدد التأكيد على أن زيارة مصر laquo;طبعاً تحتاج إلى دعوة، لأن هناك انقطاعاً في العلاقات. أنا لم أستقبل مسؤولاً مصرياً منذ نحو خمس سنوات كما أظن، فإطلاق العلاقة بحاجة إلى بعض المبادرات، أحياناً قد تبدو شكلية لكنها ضرورية في العلاقات السياسية والدبلوماسية.
وكانت القاهرة ودمشق قد خففتا من التراشق الإعلامي إثر اللقاء الذي جمع الرئيس حسني مبارك مع الأسد في الكويت عام 2008 برعاية العاهل السعودي، إلا أن مصر رفضت إتمام المصالحة بسبب ما تراه من استمرار تحالف سوريا مع إيران، واتساع نفوذ الطرفين في الملفات الإقليمية.