وثيقة واحدة تكفي
الزمان اللندنية
فاتح عبدالسلام
400 ألف وثيقة حربية في موقع ويكي ليكس الامريكي، لم تقل كل شيء عن الحرب علي العراق، لماذا الرقم 400 ألف ولماذا لم يكن خمسمائة ألف أو أربعة مائة وخمسين ألفاً مثلاً.
العدد غير مكتمل برغم ضخامته. فالحرب البوشية علي العراق تستوعب رقماً أكثر من ذلك بكثير. إنّها أكبر في وقائعها وجرائمها ونزواتها وطيشها وأخطائها وما صنعته بالمنطقة كلها من مجرد 400 ألف وثيقة. هي مكاتبات وتقارير يوميّة للبنتاغون واستخباراته والمتعاونين معه لتوصيف ما كان يجري يومياً في العراق. ومعظم المعلومات التي ضمتها تلك التقارير ظلَّت معلّقة من دون اجراءات فهي تصف ما يجري ولا تجد له علاجاً.
لأنَّ الخصم بكل ألوانه علي الساحة العراقية كان أكبر من امكانية التصدي له أمريكياً أو حكومياً.
الوثائق المسربة quot;بعناية فائقةquot; الي ويكي ليكس أرادت أنْ تقول ما تريد قوله هي فقط، وليس لتروي قصة كل ما جري في البلاد العراقية المنكوبة منذ احتلالها حتي تنصيب الحكومات المتعاقبة عليها.
قصة ويكي ليكس لم تنته. فتوقيت اظهارها الي العلن لا محالة علي صلة بتشكيل الوضع السياسي الجديد في العراق. ولكن المسألة لا تنحصر في ذلك فقط، وانّما هناك رسالة واضحة بأنَّ الآتين الي المشهد السياسي المقبل في العراق ربَّما يشملهم الجزء الثاني من وثائق ويكي ليكس، فهذا الموقع موجود ومفتوح ويرحب بمزيد من الوثائق، ولعله يكفيه وثيقة أو وثيقتان وليس آلاف الوثائق ليقول رسالة أقوي لجهة سياسية أو شخصية معينة في العراق.
العراق وحربه وأطراف الصراع فيه بعد وثائق ويكي ليكس، هم غيرهم قبلها. لأنَّ الوثائق قد تجر الي محاكمات والمحاكمات تقود الي تغييرات في الخرائط السياسية داخل العراق، متي ما تشاء واشنطن التي لا تزال لم تتخل عن أي ورقة مهمة لها في الملف العراقي، كما يتوهم بعضهم أو يخدع نفسه أو غيره بذلك.
انّها وثيقة واحدة تكفي للحسم ساعة يأتي الحسم. والمعنيون يعرفون أي وثيقة تلك.
من يسعى لتفتيت السودان؟!
جاسر الجاسر
الجزيرة السعودية
من أوصل الأوضاع في السودان إلى حالتها الراهنة التي تهدد بتفتيت هذا البلد العربي الأكبر مساحة في الوطن العربي؟!
هل اكتشاف النفط، وما يقال عن اختزان الأراضي السوداني إلى احتياطات نفطية ضخمة وراء تجدد الخلافات بين الشمال والجنوب..؟!
أم وجود المياه الجوفية الضخمة التي يقول الجيولوجيون إن دارفور تعوم على بحيرة من المياه التي ستصبح أهم وأغلى من النفط في العقود القادمة ولهذا فإن القبائل العربية والإفريقية تتناحر للسيطرة عليها..؟!
أم أن الصراع الأيديولوجي الديني والفكري وراء كل ما يحدث في السودان بعد أن أشاعت الكنائس والمستشرقين أن السودان الذي كان بوابة العرب المسلمين إلى إفريقيا، استعاد دوره في تنشيط الدعوة الإسلامية التي حدّ دعاتها الكثير من نشاط المبشرين في إفريقيا، وخاصة في جنوب السودان وفي الدول المجاورة. ولهذا فإن منظمة الكنائس المسيحية العالمية لا تخفي دعمها ومساندتها للمتمردين الجنوبيين ومدّهم بالمال منذ أيام التحرر الأول الذي قادته منظمة (الأنيانيا 1).
إضافة إلى كل ذلك لا يمكن إخفاء دور الكيان الإسرائيلي في تأجيج المشاكل وإثارة بؤر التمرد في السودان وفي كل الدول الإفريقية التي لها علاقات جيدة مع الدول العربية أو تلك التي للعرب مصالح حيوية بها..؟!!
كل هذه الأسباب لا تخفي دور الحكومات السودانية المتعاقبة التي حكمت السودان منذ الاستقلال عام 1956 يوم فصل السودان عن مصر؛ إذ تعاملت تلك الحكومات على أن الجنوب والأطراف الأخرى في دارفور والشرق ما هي إلا أجزاء مهملة من الوطن محرومة من التنمية والاهتمام، ومع هذه الخاصية تشترك فيها الكثير من الدول النامية والعربية منها، إلا أن تنافر القوميات والأديان يساعد على اختراق الأطراف لكشف تقصير المركز مما يساعد على اندلاع الفتن والتمرد وصولاً إلى تفشي الحروب التي تنتهي كثير منها بالانفصال مثلما يخشى أن تنتهي إليه قضية الجنوب السوداني الذي أصبح شبه مُسَلَّم به؛ حيث أخذت كثير من الدول تستعد للاعتراف بدولة جنوب السودان بعد أن وجدت ترحيباً بل حتى إغراء من الولايات المتحدة الأمريكية التي استقبل كونغرسها رئيس إقليم جنوب السودان سلفاكير كرئيس دولة وفتحت معه جلسة نقاش بعيداً عن الدولة المركزية التي سلمت بكل ما أرادته واشنطن بالنسبة لهذه القضية، ومع هذا فإن خطوات فصل الجنوب تسير بوتيرة عالية وبدعم من اشترطوا على الخرطوم اتفاقية سلام ستنتهي بالانفصال.
التعليقات