مشاري الذايدي
لدي اقتراح يدر على صاحبه ملايين الدولارت!
وأنا متنازل عن حقوق الملكية الفكرية للشخص المستفيد، ليس بسبب نوبة زهد حادة، بل حتى لا أكون شريكا لصاحب المشروع؛ لا ماديا ولا معنويا، بسبب رفضي أصلا لهذه الفكرة!
نأتي للمفيد، الفكرة يا سادة يا كرام.. هي تأليف كتاب يترجم لعدة لغات عالمية يقوم على بناء سيناريو بوليسي ومؤامراتي عن أن قصة laquo;الطرود المفخخةraquo; التي خرجت من اليمن إلى أوروبا وأميركا مرورا بدول الخليج ليست إلا حبكة رهيبة تقف وراءها قوى الشر الغامضة التي تحيك الخطط وتشرف على تنفيذها في الخفاء.
ولا بأس بالعودة قليلا إلى الوراء لاستعراض ملف الـlaquo;سي آي إيهraquo; الأميركي وأمثاله من laquo;أجهزة الشرraquo; الغربية على مدى أكثر من خمسين عاما، وإن الغرض من هذه المؤامرة المعقدة كان ضرب عدة عصافير بحجر واحد. من هذه العصافير، صرف الأنظار عن قضية وثائق laquo;ويكيليكسraquo; التي كشفت الغطاء عن ممارسات الأميركيين في العراق.
ومن هذه العصافير، إيجاد ذريعة للتدخل في الشأن اليمني، وتصبح laquo;القاعدةraquo; هنا ذريعة مثل ذريعة أسلحة الدمار الشامل في عراق صدام حسين.
ومن هذه العصافير، ربما، فتح الطريق أمام منتجات شركة أمنية جديدة لديها تقنيات تفتيش في المطارات وعلى الطائرات كلفت مبالغ طائلة لكنها تحتاج إلى حافز قوي لدى الدول والشركات المستهلكة من أجل تسويق هذا المنتج. الشركة المنتجة لهذه التقنية هي شركة أميركية، طبعا، يملكها تحالف خفي من الأثرياء اليهود الغامضين في أميركا.
ماذا أيضا..؟!
يجب ترك الأمر لخيال المؤلف حتى تكون له لمسته الخاصة في الرواية.
يمكن للمؤلف المقترح الاستعانة بخبرات مؤلف فرنسي سبق له أن سلك هذا الطريق المختصر للثروة والشهرة، تذكرونه؟ إنه الفرنسي تيري ميسان صاحب كتاب laquo;الخدعة الرهيبةraquo; الذي سوق للعالم ولمن يحب من البشر الحبكات البوليسية والمؤامرات الخفية.. كانت فكرته أن تفجيرات 11 سبتمبر (أيلول) ليست إلا صناعة متقنة خرجت من معامل الـlaquo;سي آي إيهraquo; الأميركية.
هنا أمر بسيط غير سار؛ يجب على صاحب الكتاب أن يتقبل أن شهرته لن تستمر طويلا، فسرعان ما ستفقد القصة تشويقها، في اللحظة التي تولد فيها قصة أخرى وأحداث جديدة.
عليه أن يتحلى بروح رياضية وعملية ويقنع من الغنيمة بما تيسر له.
الوقت.. نعم الوقت مهم، يجب سرعة إنجاز الكتاب واستغلال مشاعر الاندهاش وعدم اكتمال الصورة، هنا فقط تضرب ضربتك وتلعب في منطقة الفراغ والتشويش هذه.
وبعد، قرأت بداية مقتضبة لهذه الفكرة لدى حامد العلي، وهو أحد أصوليي الكويت، في صفحته على الإنترنت.. بعدما أفاض في استعراض خبث المخابرات الأميركية، قال: laquo;وكم هي سذاجة بالغة حدَّ إثارة الشفقة، تلك التي تُجرف وراء خبر (طرود بريدية تحمل متفجرات)، فتنسي (فيلم) مشاهد ملايين الضحايا الذين ينزفون الدماء، أو الجوع، أو المرض، أو الفقر، كل يومraquo;.
في انتظار مؤلفي القصص البوليسية.. أما أنا فقد اقترحت هذه الفكرة على أحد الثقات العارفين ببواطن الأمور، فابتسم ساخرا مني.
التعليقات