جهير بنت عبدالله المساعد
عمر الإعلام العربي ليس قصير!.. ولا هو طفولي النشأة والميلاد، ولم يعد في مرحلة الصبا أو حتى المراهقة (الطائشة)، لقد عبر مضائق عدة وكبر، والمفروض أن يكون قد نضج! والمفروض أن القائمين عليه والعاملين فيه على مستوى جيد إن لم يكن عالٍ من الثقافة العامة، أو على الأقل لديهم الحد الأدنى منها، ما يجعلهم يعرفون الأسماء الصحيحة للبلاد العربية التي نسميها (الشقيقة)، والتي تشترك في وثاق واحد يسمى (الجامعة العربية).
فمثلا، لم يعد صحيحا القول (الجمهورية العربية المتحدة).. إذا كان الواقع قد محا وألغى هذا الاسم الذي ظهر في وقت ما، وإذا كان التغيير في الوقت الراهن قد شمل العديد من الدول غير العربية، فلم نعد نقول (تشيكو سلوفاكيا) وهو أطول اسم خفطناه في الجغرافيا!! فهل من المعقول أن لا يعرف بعض الصحافيين العرب أن عبارة (الأراضي الحجازية) ليست عبارة صحيحة ولا تصلح للاستعمال في الوقت الحاضر؟! وترديدها دليل جهل إعلامي مخجل لا ينبغي الوقوع فيه!! لقد أثار انتباهي المنشور في بعض الصحف العربية عن عودة الحجاج الكرام، حيث يرد ذكر عبارة (عاد إلى أرض الوطن من الأراضي الحجازية حجاج بيت الله)، أو (غادر الحجاج الأراضي الحجازية وعادوا بسلامة الله إلى أرض الوطن)!! عبارة الأراضي الحجازية تدين ثقافة أصحابها من الصحافيين المعتبرين، وتضعهم في مأزق الجهل والسطحية، وعدم القدرة على توعية الذات بالحقائق التاريخية، بل وتقرر عدم صلاحيتهم أو كفاءتهم للمهنة الإعلامية.. القائمة على أسس من الاحترافية المهنية الداعية إلى المصداقية والشفافية والإلمام بالواقع المعاش! فإذا كانت الثقافة العامة لهؤلاء الصحافيين المتمسكين بذهنية مقيدة بمعلومات طواها الزمان، ولم تعد صحيحة وغير لائقة بالعصر الذي يعيشون فيه، إذا كانت ثقافتهم قد توقفت عند الماضي السحيق وما قبل قرن من الزمان، كيف يصلحون للعمل الإعلامي في العصر الحالي!! إن الثقافة العامة للإنسان في كل مكان زاد تتغذى منه شخصيته في نموها ولياقتها للحياة.. وهي للصحافي ضرورة، بل هي من مستلزمات المهنة وأدبياتها الأساسية، ولا يستقيم نجاح لصحافي إذا كانت ثقافته العامة صفرية لا تتجاوز حد ما يقع تحت قدميه فقط!! فلو استخدم صحافي سعودي مثلا لفظ (الفسطاط) أو (هبة النيل) أو قال (مصرايم) المذكورة في التوراة أو استخدم لفظ (مصر القطرين) أو (مصر الوجه القبلي ومصر الوجه البحري) أو (الدلتا والوادي) هل يمر قوله بسلام وكأنه لم يرتكب خطأ فادحا!!! إن الصحافة وسيلة تنوير وتثقيف، وفاقد الشيء لا يعطيه إذا كان عاجزا عن تثقيف وعيه، فكيف يستنير الناس من عمل إعلامي مليء بالأخطاء المخجلة!! ليس العيب في الإعلام العربي جفاف نبع الحرية الإعلامية، بل العيب في ضحالة الثقافة العامة لدى الصحافيين، وهؤلاء الحرية خطر عليهم وعلى الوطن العربي.
التعليقات