صحافة أجنبية: الحزب الحاكم في مصر دخل مرحلة الصراع على السلطة وانتخابات الاحد مرحلة اولى لحسم مرحلة الخلافة

مرشحون يتنافسون على مقاعد معروفة النتائج

لندن

تحت عنوان 'الانتخابات المصرية: المرشحون المستقلون يتنافسون على كسب العقول والقلوب في انتخابات معروفة النتائج' كتبت صحيفة ' الغارديان' تصف المشهد السياسي المصري قبل ايام من الانتخابات التي ستعقد الاحد القادم والتي يتوقع ان يفوز بها مرشحو الحزب الوطني الحاكم باغلبية المقاعد، في عملية انتخابية مثيرة للجدل مارست فيها الدولة قمعها على المعارضة وحرمت الكثيرين من الترشيح فيما رفضت اصواتا من الداخل والخارج بالسماح لهيئات خارجية مستقلة بمراقبة العملية الانتخابية والتأكد من نزاهتها وعدم التلاعب فيها.
وتابع التقرير حملة انتخابية لمرشح عن الاخوان في حي كرداسة الشعبي، حيث يرفع المرشح واسمه عبدالسلام بشندي شعار 'الاسلام هو الحل.. اصح وصوت في 28 نوفمبر'.
ونقلت عنه قوله ان الاخوان المسلمين على الرغم من حملات القمع التي تعرضوا لها يعقدون امالا كثيرة على هذه الانتخابات. واكد ان حملته ليست مركزة على الفوز بمقعد في البرلمان لان 'النظام لن يسمح لهم بالفوز'.
ويعلق التقرير انه اذا كانت الحملة لا تبغي المقعد فعن ماذا يبحث المرشح ويقول التقرير 'اهلا بك في الانتخابات البرلمانية المصرية الغريبة، حيث يتنافس فيها الاف المرشحين على مقاعد برلمانية محجوزة ومع ذلك يعرفون ان حملاتهم لن يكون لها اي اثر على النتائج'.
وتنقل عن باحثة في العلوم السياسية، منى الغباشي قولها ان 'لا احد في مصر يؤمن بان الانتخابات البرلمانية ديمقراطية ولا حتى شبه ديمقراطية'.
وتضيف ان الانتخابات لا تحدد طبيعة من سيحكم وليست نزيهة، والمواطنون لا يشاركون فيها الا قليلا لانهم يعرفون انها مزيفة، وفي العادة ما يتم التحكم بمراكز الاقتراع من قبل رجال امن. وعلى الرغم من التزوير الذي يرافق هذه الانتخابات في اكبر دولة ديمقراطية 'نظريا' في الشرق الاوسط الا انها مهمة لكل الاطراف بدءا من الحزب الوطني الحاكم الذي يعرف انه سيخرج فائزا بغالبية المقاعد الى عدد من الاحزاب والجماعات السياسية المتعددة التوجهات السياسية والتي تحاول استغلال الانتخابات من اجل حشد وتوسيع القاعدة الشعبية لها وتأكيد صورتها.
وبالنسبة للمراقبين داخل وخارج مصر فالانتخابات ستحمل معها امرا، ملمحا عن مصر فيما بعد مبارك وعمن سيخلفه، فالخلافة ليست بعيدة عن هذه الانتخابات. وتشير الصحيفة ان كرداسة، حي من احياء القاهرة، يقدم نظرة معمقة وسيريالية عن دينامية الانتخابات، ففي الماضي كانت قرية صغيرة بعيدة عن فوضى وضوضاء العاصمة، لكن التطور الحضري والهجرة من الريف ادى بالقرية لتصبح جزءا من العاصمة جاعلا هذا الحي من اهم احياء المدينة واكثرها تنافسا على المقاعد في كل البلاد.
فكل حزب من احزاب البلاد المعترف بها لديه مرشح هنا في الكرداسة لكن قلة من ابناء الحي يبدون حماسة للانتخابات. ويرى التقرير ان الحي الذي لا يبعد كثيرا عن اهرامات الجيزة العتيقة الا انه يمنح صورة واضحة عن مصر التي تتوسع فيها الفجوة بين الاغنياء من اصحاب البيوت المحروسة والفقراء ممن يتراكمون في احياء الصفيح.
وتنقل عن احد ابناء الحي قوله ان ظروفهم المعيشية الصعبة لا تسمح لهم بالاهتمام بالسياسة، فابناء مصر يعيشون في ازمة اليوم، ترتفع فيها اسعار المواد الغذائية فيما تنخفض فيه الرواتب وهم بدون اية وسائل من اجل توفير الطعام لابنائهم. ويقول ان 'الانتخابات قد تكون مهمة للحيتان او اسماك القرش لكنها ليست مهمة لنا'.
وتقول الصحيفة ان كلام الشاب له دلالة لان كرداسة ظلت معزولة عن مركز صناعة القرار السياسي عقودا طويلة لان الدولة ظلت تنظر اليها كمركز للمعارضة، وليس مستغربا ان لا يحتل اي من ابنائها مركزا مهما في الامن او مؤسسات الدولة البيروقراطية.
واكد فوز بندشي في عام 2005 كمرشح مستقل وان كان يمثل الاخوان من اجل التحايل على الحظر المفروض على الحركة بغالبية اصوات اكدتها مؤسسات مدنية مستقلة، لكن الحزب الوطني رفض الاعتراف بالنتيجة، واعترف بمنافس بندشي من الحزب الوطني فائزا عن المنطقة. وعليه فقلة من الناخبين يعتقدون ان بندشي سيمثلهم في البرلمان خاصة ان خمسة من داعمي حملته الانتخابية معتقلون الى جانب 1200 من اعضاء الاخوان المسلمين.
واشارت الصحيفة الى تقرير منظمة العفو الدولية 'امنستي' حول الاشكال التي اتبعتها الحكومة في الانتخابات الحالية وانها لا تختلف عن تلك الاساليب في الانتخابات السابقة واعتبرتها المنظمة انتهاكا 'صارخا لحقوق الانسان'.
لكل هذه الاسباب، دعت جماعات سياسية معارضة منهم محمد البرادعي، المدير السابق لوكالة الطاقة النووية للدعوة لمقاطعة الانتخابات. لكن جماعة الاخوان المسلمين المحظورة والجماعات السياسية الصغيرة المصرح بها قررت خوض الانتخابات. واشارت الصحيفة الى اتهامات الاخوان للحكومة بعملية التزوير، وما قاله بشندي من ان الحكومة تمنع الحركة في الانتخابات من التجمعات السياسية والمحاضرات وغير ذلك.
ورغم كل هذا فبرنامج مكافحة الفساد الذي يخوض الانتخابات بناء عليه يلقى تجاوبا من الشارع.

الحزب الحاكم دخل مرحلة الصراع

وبعيدا عن معارضة الاخوان تقول الصحيفة ان انتخابات الاحد ليست امتحانا لمحدودية المعارضة حيث تحضر نفسها للانتخابات الرئاسية العام القادم ولكنها مهمة للحزب الوطني، الذي بدأ يبحث في ضوء اعتلال صحة الرئيس مبارك عن خليفة له، قائد الغد لاكبر دولة عربية. فمن ناحية اجبر نجل مبارك، جمال لابعاد نفسه عن الشائعات التي اقترحت انه سيرث السلطة فيما تواصل الاجنحة والاطراف داخل الحزب تنافسها حول خليفة مبارك. وبدا التوتر واضحا داخل الحزب من تعدد المرشحين عنه لنفس المقعد في بعض المناطق الانتخابية بما فيها كرداسة، التي يترشح عن الحزب فيها اثنان رسميا واخر مستقل. وتقول الصحيفة ان بعض عناصر الحزب الغاضبين في المنطقة بدأوا يدعمون مرشح الاخوان بشندي.
ونقل عن مدير مركز القاهرة لحقوق الانسان انه من الصعب الفصل بين الانتخابات البرلمانية الحالية والرئاسية العام المقبل، فتعدد المرشحين على المقعد الواحد يشير الى ان المعركة الداخلية وراء الستار بين اجنحة الحزب المتصارعة بدأت تخرج للعلن. وعليه فالانتخابات الاسبوع القادم نذير تغير فحسب مواطنة شابة في كرداسة قالت 'عشنا كل حياتنا تحت حكم مبارك وفي ظل الحزب الوطني لكن مصر تقف على حافة تغيير كبير في العام القادم'. واشارت قائلة ان الزمن قد تغير فمن هم في هرم السلطة يعتقدون اننا شباب ولا رأي لنا لكنهم 'سيرون'.