داود الشريان


laquo;إن العلاقات المصرية - الأميركية قامت منذ منتصف السبعينات على أساس الاحترام المتبادل والسعي لتحقيق المصالح المشتركة للطرفين وللإقليم، وأن مصر ستظل حريصة على احترام الأسس التى قامت عليها تلك العلاقات طالما التزم الجانب الأميركي بذات الحرص والاحترامraquo;. هذا التهديد الديبلوماسي المهذب كان خاتمة بيان الخارجية المصرية رداً على اجتماع بين مسؤولين اميركيين وبعض الاميركيين الذي يطلق على نفسه laquo;مجموعة عمل مصرraquo;، بحثوا فيه ضرورة إجراء انتخابات نزيهة في مصر.

ليست المرة الأولى التي تصدر فيها مصر بياناً يعبّر عن الاستياء من تدخلات أميركية في شؤونها الداخلية. السجال بين واشنطن والقاهرة حول الممارسات الديموقراطية وقضايا حقوق الانسان مستمرة، فضلاً عن أن القاهرة سبق لها أن رفضت عبارات وردت في خطاب الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الابن خلال زيارته مصر، تتعلق بقضية اعتقال أيمن نور. لكن البيان هذه المرة حمل غضباً مصرياً مكظوماً، ورفضاً قاطعاً ومختلفاً. واتسم بغيظ ديبلوماسي واضح. هل جاء غضب القاهرة بسبب توافق التصريحات الأميركية مع خطاب قوى المعارضة المصرية؟ ربما. لكن الذي لا جدال حوله هو أن بيان الخارجية المصرية عكس مخاوف وطنية من استغلال الخلافات الداخلية، وإلحاق مصر بمشروع laquo;إشاعة الفوضى في الشرق الأوسطraquo;، بحسب لغة البيان.

لا شك في أن التحذير المصري، غير الودي، من التدخل في الشؤون الداخلية للدول الذي نقله بيان الخارجية، واستياء القاهرة من ادعاء الغيرة على مصلحة مصر، واعتبار التصريحات الأميركية خطوة غير محترمة، كلها مؤشرات الى موقف مصر الرسمية من السياسية الأميركية في العراق وافغانستان والمنطقة. وهو أيضاً رفض مصري، غير مباشر، لمشروع الاستفتاء على تقسيم السودان، الذي يقلق مصر، وتدعمه واشنطن.

الأكيد أن النظر الى التصريحات الأميركية، باعتبارها وسيلة لتحريك الشعور الوطني، وإسكات صوت المعارضة الداخلية، أو التشويش عليها، على طريقة ان من تنتقده واشنطن هو وطني، تفسير ساذج. بل ان التماهي مع التصريحات الأميركية، والتعامل معها من زاوية انتخابية، واعتبارها مجرد دعوة الى تنفيذ خطوة جُربت في الأراضي الفلسطينية أو السودان، وإنها ستساعد على تحسين وضع الانتخابات، قِصر نظر. مصر ليست الأراضي الفلسطينية. وقبول تصريحات الادارة الأميركية تسويغ لانتهاك سيادة مصر.