سعيد الحمد
في الوقت الذي طبقت فيه شهرة الشيخ الشعراوي الآفاق كداعية خرج في ذروة ما سمي بـlaquo;الصحوةraquo; بدءاً من النصف الثاني من السبعينات كان الشقيري laquo;مقدم البرنامج السعوديraquo; مازال في المهد أو لم يولد بعد لكنه حتماً من الذين تفتح وعيهم الدعوي على صوت وثقافة الشيخ الشعراوي الذي ظل بطل ابطال الدعوة ونجم النجوم في الفضائيات والأرضيات التي حرصت وتسابقت على بث أحاديثه الدعوية في سنوات الصحوة والدعوة.
وإذا كان laquo;لكل شيخ طريقتهraquo; كما يقولون فإن طريقة الشيخ الشعراوي وأسلوبه في التقديم والحديث كان محل نقاش وان احتفظ بنصيب وافرٍ من المشاهدين والمشاهدات على مدى سنوات طويلة نسبياً وهو أمر قلما يحدث مع داعية اسلامي وان كنا نتذكر الشيخ علي الطنطاوي في هذا السياق بأسلوبه الخاص وطريقته laquo;اللطيفةraquo; فالرجل خفيف الظل أو صاحب نكتة ساعدته في جذب المشاهد والمتلقي وان لم تساعده ظروف الميديا المحدودة الامكانيات و المساحات في فترة انتشاره كما حدث للشيخ الشعراوي الذي جاء في توقيت معولم نسبياً فعلت فيه الميديا فعلها في الشهرة والانتشار والذيوع والأثر والتأثير.
لكن الشيخ الشعراوي كمن سبقه من الدعاة ظل تقليدياً تماماً ومتمسكاً بالطريقة التقليدية القديمة في تقديم الحديث داخل الجامع وعلى كرسي خشبي وبجلسة تذكرنا بمساطب الشيوخ والفقهاء في الزمن الإسلامي الأول وبالتلقين اسلوباً يصل إلى المتلقي الذي يجلس على الأرض متطلعاً إلى فوق، حيث مسطبة الفقيه أو الشيخ أو الداعية وهي طريقة توحي أو تثبت دور الداعية الايجابي في القول والحديث ودور المشاهد المحصور والمنحصر في التلقي فقط دون مشاركة حوارية وأخذ وعطاء وسجال فكري ثقافي.. وهو الاسلوب الذي يسمى اعلامياً laquo;بث واستقبالraquo; فقط وعلى موجة واحدة.
هذا ما تنبه له دعاة الجيل الثاني أو بعضهم فقط فحاولوا الخروج عن التقليدية القديمة وحاكوا الأساليب الجديدة اعلامياً منهم من نجح ومنهم من اخفق فعادوا إلى الأسلوب القديم يكرر فيه نفسه مع شيء بسيط من التعديل في الديكور فقط.
الشقيري مقدم البرامج الشبابية الدعوية كان الأجرأ بينهم فقد خرج بالكاميرا إلى العالم الآخر laquo;الغربraquo; وهناك وجد مسلمين من غير إسلام.. مسلمين في آداب السلوك وآداب النظام والنظافة والضمير استرعت انتباهه.. ركز عليها طورها كفكرة يعتمد عليها برنامجه.. نجح فيها.. وان ظل متمسكاً بالأسلوب العربي في مباشرة الوعظ الأخلاقي دون ان يترك للمتلقي مساحة التقدير بنفسه ودونما حاجة إلى واعظ حتى وان كان وعظ الشقيري بطريقة حديثة أو شبه حديثة لا تمت بصلة إلى طريقة الشيخ الشعراوي الذي اخذ عليه اسلوبه في الحديث وكأنه يخاطب تلاميذ مدرسة ابتدائية لا يتجاوز اعمارهم الست أو السبع سنوات.. وهو مأخذ نقدي لم تنبه محطات التلفزيون الشيخ الشعراوي له وان كان الداعية عمرو خالد قد انتبه له لكنه استغرق ايضاً في شحن العواطف بطريقة بدت في كثير من الأحيان مبالغا فيها بشكل واضح.
العوضيان محمد ونبيل شابان تقليديان في اسلوب وطريقة برامجهما لم يستفيدا من التقنية الإعلامية الجديدة والحديثة وان حاول نبيل استثمارها في الاستغراق التقليدي الخاص وكذلك فعل الدكتور طارق سويدان ومازال البحث جارياً عن تطوير اسلوب الشقيري او تعميمه رغم نجاح هذا الشاب واستقطابه لشريحة واسعة من المشاهدين بما يدل ان المشاهد يبحث عن لغة دعوية مغايرة يكون فيها مشاركاً لا متلقياً فقط.
الدعاة من الاخوة الشيعة مازالوا اسيري الاسلوب التقليدي البحت في الدعوة والوعظ المنبري لم نشاهد حتى الآن واحداً يخرج عن ذلك الاسلوب او يحاول بما يوحي لنا ان هناك laquo;منعraquo; أو حجر على محاولة تطوير اسلوب الوعظ والدعوة والارشاد عندهم فالتقليديون الشيعة من الدعاة فرضوا اسلوبهم الحوزوي وكذلك طلابهم وتلامذتهم.
في النهاية سوف نلاحظ ان مشهد الدعاة ومسيرة الدعوة والوعظ الإسلامي بشقيه يحكمها الاسلوب التقليدي برغم تعطش المتلقي إلى اسلوب حداثي معاصر بما يطرح سؤال التطوير لاستقطاب الجمهور حتى لا يجد الداعية التلفزيوني المسلم نفسه يوماً بدون متلقين او مستمعين أو مشاهدين.. ويظل تطوير المضمون الدعوي هو الخطوة وهو المطلب الأهم.
إلى الأعلى
التعليقات