يوسف الكويليت

إدراج الإعلاميين على قائمة التصفيات للقاعدة، لا يحتاج إلى إعلان لأن هذه الفئة تقع ضمن أسلحة المواجهة معها، وإذا اعتبرنا المعركة فكرية بالدرجة الأولى، فإن سطوة النشر وكشف الحقائق المستورة، وتعرية المواقف، هي بطبيعتها حوائط صد ضد تلك الأفكار وممارساتها، والدليل أنهم ركزوا على هذه الناحية في مواقعهم أو إرسال خطب زعمائهم لمحطات الفضاء والإنترنت وكل وسيلة تضعهم في مقدمة الأحداث، كعوامل ضغط وحرب نفسية على خصومهم..

المملكة أنجزت ما يعتبر تقدماً قياسياً ليس على مستوى المحتوى الداخلي أو الجوار العربي والإقليمي فحسب، بل تعدت ذلك إلى أن أصبحت رائدة في تحذير دول سبقتها في ريادة الرصد والمتابعة والاحتواء لنشاطاتٍ أخطر من القاعدة، مثل حروب الجواسيس بأعلى تقنياتها بين الدول، ومع ذلك صعدت المملكة لتأخذ دوراً مميزاً في تعقب وكشف خلايا القاعدة من خلال كفاءات أشخاص أداروا أعلى تقنيات الحرب مع شبح غير مرئي، إلا أن العقل الذي سيطر على منابع ومفاصل القواعد التي تنبت منها العملياتُ الإجرامية، والداعمون لها، والمخططون إلى توزيع دوائر العمل في المواقع المعقدة، شعر أن حربه مع أجهزة أمن المملكة معركة خاسرة، طالما تفوقت الوسائل والعقول والخطط، ومع ذلك يبقى الحذر قائماً، لأن الموضوع يتعلق بمعارك مفتوحة على كل الأزمنة..

الأمن المستتب يعد أعلى مراحل الاستقرار الذي يوفر الغطاء الشامل للتنمية بفروعها المختلفة، وأي حالة اختلال في هذا الشأن تعرضنا ، كماعرّضت دولاً ومجتمعات ، إلى انتكاسات خطيرة، ولا نحتاج إلى التدليل إذا ما ذهبنا إلى محيطنا العربي وعشنا المشاهد على طبيعتها مع بعض الدول التي تعيش حياة اللااستقرار رغم إمكاناتها المادية والبشرية، وكل وسائل النهوض القابلة للاستثمار..

تعامُلنا المنطقي، وغير المتهور، والرقي بالخطط إلى مستويات التحضير والقراءات الدقيقة ثم الاستنتاج لأي مواجهة، منحنا الفرص لأنْ نكون المبادرين بالانقضاض والمبادرة، وهي أمور ليست سهلة قياساً لمنظمة هلامية الصورة تتغير مواقعها وأهدافها تبعاً لمناطق الضعف والمباغتة، ولعل المنهجية العلمية تعد فاصل القوة بيننا وبينهم لت أتي لصالح خططنا ومناهجنا..

وزارة الداخلية وأجهزتها المختلفة عودتنا على جني النتائج دون ضجيج، وهذا سلوك متقدم، أي لا مجال لاستباق الأحداث، أو تصويرها بمبالغات غير صحيحة، بل بهدوء لطرح الحقائق ومشاهدها على الرأي العام بالوثائق المعروضة، سواء كانت أموالاً أو أسلحة، أو أجهزة متقدمة، مع الاحتفاظ بأسماء الأشخاص لمصلحة أمنية، على أن المتهم يخضع للمساءلة ويراعى في ذلك كل العوامل، السن والتعليم، والثقافة والمستوى المادي للأسرة، وعلى ضوئها يتم الحوار على قاعدة المناصحة كأسلوب تربوي لمن غُرر بهم، وهذه مرحلة متقدمة عن غيرها، واعتبرتها قيادات القاعدة أخطر عليها من مسألة الكشف والعقوبات، لأن خيار الحوار يعد هزيمة للفكر المضلّل، وجزءاً من فعلٍ ورد فعل على جبهة الصراع..