إياد أبو شقرا

متى يبلغ البنيان يوما تمامه

إذا كنت تبنيه وغيرك يهدمُ

(صالح بن عبد القدوس)

عشنا أسبوعا طغى فيه على الأحداث laquo;تسوناميraquo; تسريبات laquo;ويكيليكسraquo; بتقاريرها الصحيحة والمنحولة، وتأكد فيه أن التأزم السياسي في المنطقة العربية غدا أكبر من الكلام. لكننا الآن أمام أسبوع قد يكون مثيرا إلى حد بعيد.

فالكلام الذي صدر، ثم مُوّه عليه، عن اعتراف الإدارة الأميركية بـlaquo;عجزها عن إقناع الحكومة الإسرائيلية بتجميد الاستيطانraquo;، جاء في توقيت بائس لدبلوماسية واشنطن. وسرعان ما تجاوزته حاجة واشنطن إلى لملمة تداعيات تسريبات laquo;ويكيليكسraquo;، التي تحرج أول ما تحرج الإدارة الأميركية بالذات. في نهاية الأمر، صدقية الدبلوماسية الأميركية على المحك.. فهل تظل بعد اليوم طمأنينة إلى قدرة واشنطن على بناء الثقة مع حلفائها وأصدقائها، ناهيك عن قدرتها على مواجهة مَن تزعم أنهم خصومها؟

من المستبعد، مثلا، أن تكون طهران، التي استثمرت مليارات الدولارات في استراتيجيتها الجيوسياسية إزاء الجيران والخصوم، جاهلة بحجم القلق المتعاظم على امتداد المشرق العربي من طموحها النووي، وتمددها الإقليمي بقوة الخطاب التعبوي والدعم المادي والتسليحي.

أيضا، من المستبعد أن تتصور دمشق أنها ستظل قادرة على إقناع الغرب والأشقاء العرب - على حد سواء - بأن موضوع laquo;الممانعةraquo; الذي ترفع لواءه، موضوع قومي تحريري وتحرري في المواجهة الكبرى مع laquo;العدو الصهيونيraquo;، كما سمعنا ونسمع منذ عقود. بل، إذا كان لنا أن نصدق ما حملته تسريبات laquo;ويكيليكسraquo; عن لقاءات الرئيس الأسد مع أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، فالمسألة كلها لا تخرج عن نطاق المساومات المتصلة بأثمان مدفوعة ومقبوضة هنا وهناك.

وأيضا.. وأيضا، من المستبعد أن تكون الحكومات العربية المعتدلة قد فوجئت بنظرة تل أبيب السلبية إليها، وبأن لا وجود لخيار عمل عسكري إسرائيلي ضد إيران ضمن laquo;الخيارات الخمسةraquo; التي وضعها رئيس laquo;الموسادraquo;، مائير داغان، للتعامل مع الملف الإيراني. فالواضح أن الذهنية التوسعية المتطرفة في إسرائيل لا تطمئن إلى عربي إلا إذا كان ميتا.

في مطلق الأحوال، لن تتلاشى آثار laquo;ويكيليكسraquo; بسرعة، بصرف النظر عن شكل عواقبها واتساع رقعتها. لكن هناك عالما حقيقيا ينتظر إجابات، وخلال فترة قصيرة قبل فوات الأوان.

ولنأخذ لبنان كحالة نموذجية، فنطرح السؤالين الأهم: متى سيصدر الادعاء في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القرار الاتهامي في جريمة اغتيال رفيق الحريري ورفاقه؟ وإلى ماذا سيفضي ما دام أن حزب الله أكد بـlaquo;العربي الفصيحraquo; للقاصي والداني أن لبنان ما قبل القرار الاتهامي هو غير لبنان ما بعده؟

لبنان اليوم في حالة شلل. رئيسه laquo;التوافقيraquo; تحت الحصار. وحكومته laquo;التوافقيةraquo; - كم هي مضللة هذه الكلمة! - ممنوعة من ممارسة الحكم. وأطراف فيها يسعون علنا إلى إسقاطها.. ليس وفق أسلوب المعارضة البرلمانية، بل عبر تمرد laquo;انقلابيraquo; مسلح. وفي سياق هذا التمرد، أو laquo;الانقلاب الزاحفraquo; باستمرار، صار أمن المواطن رهينة، وغدت لقمة عيشه منة، وبات بقاؤه على قيد الحياة محتفظا بالحد الأدنى من العقل والكرامة... معجزة من معجزات الزمان.

وبعدما راجت أكذوبة laquo;الشهود الزورraquo; واستُخدمت بلا هوادة لنسف اجتماعات مجلس الوزراء ثم laquo;هيئة الحوارraquo;، وصار كل من هب ودب مرجعية في القانون، طُرحت قضية laquo;الخروق الإسرائيلية لشبكة الاتصالاتraquo;.. وفجأة رأينا الكل جهابذة في علوم الهندسة والتكنولوجيا المستقبلية.

ولقد قيل الكثير - وبعضه عن سوء نية - حول laquo;المبادرة السعودية - السوريةraquo;، إلى أن أوضح السفير السعودي، علي عواض عسيري، الأمور، وحسنا فعل، بأن لا وجود لـlaquo;مبادرةraquo; بل ثمة أفكار.. وأن القرار بيد اللبنانيين.

ومع تطوع النائب ميشال عون وجماعته laquo;البرتقاليةraquo; للعب دور laquo;صاعق التفجيرraquo;، أو تكليفه إياه، تحولت مسألة التجسس لإسرائيل إلى مسألة انتقائية وlaquo;استنسابيةraquo;، وسط صمت غريب من حزب الله.

ثم إننا هذا الأسبوع على موعد مع لقاء جديد بين الرئيس الأسد ونظيره الفرنسي، نيكولا ساركوزي، في باريس. وسيكون مهما ما سيخرج به الرئيسان من تفاهمات حول لبنان، وخاصة، أن أحدهما كان قد طمأن زواره من الكونغرس الأميركي إلى أن سلاح حزب الله ليس موجها ضد إسرائيل، بل هو مخصص للدفاع عن لبنان. وأن الثاني، هو من أطلق أول رصاصة على laquo;انتفاضة 14 آذارraquo;.

تفاءلوا بالخير تجدوه!