عبد الله بن موسى الطاير

تعود القاعدة للواجهة من جديد، ويقيني أنها تلقت ضربة في الصميم من عضوها السابق محمد العوفي الذي ظهر في الحلقة التي بثها التلفزيون السعودي الأسبوع الماضي يتحدث بثقة وبمعلومات وبرأي شرعي يخالف الكثير من المفاهيم التي تحاول القاعدة استخدامها في تفخيخ عقول الشباب.

ومرة أخرى يتضح أن الفكر ليس هو من يضلل شبابنا بقدر ما هي السذاجة التي تجعلهم فريسة استخبارات إقليمية وجماعات متربصة ببلادنا. كلنا يعلم أن بلادنا محسودة على نعم الله الكثيرة التي أنعم الله بها عليها، وأن استقرارها ونموها المطرد في عالم مضطرب يعاني من ويلات الحروب والتعثر التنموي والنزاعات يغيظان المتربصين بها. فالتجربة السعودية في المجال التنموي وخصوصا تنمية الإنسان حققت نتائج ملموسة يصعب تجاهلها في حين غرقت كثير من الدول في وحل الثورات والشعارات مما ضيع عليها فرصا تنموية مواتية، وقد ساءها أن تضيع مقدراتها في خدمة شعارات وهمية أثقلت ميزانياتها وكشفتها أمام شعوبها في حين أن المملكة تسير بخطى مدروسة باتجاه أهدافها.

المملكة سوف تصمد أمام أي خطر خارجي، وهي قادرة على الدفاع عن مقدراتها، ولكن عندما يستخدم أبناء المملكة لضربها من الداخل فذلك مؤلم معنويا وله تداعيات خطيرة مقصود حدوثها. وفي اعتقادي أن التعامل الأمني مع الذين يسلّمون أنفسهم ومع أسر من ضلوا عن الطريق السوي من المنتمين للقاعدة يدل على أن المملكة أدركت منذ وقت مبكر أن هناك من يريد مفاقمة الوضع الداخلي عن طريق توتير المجتمع وزرع حالة من الشك تعصف باستقرار المجتمع فكانت الحكمة أن تحتوى أُسر تلك الفئة بتطبيق القاعدة الشرعية ولا تزر وازرة وزر أخرى، فكانت النتيجة تجربة سعودية في مكافحة الإرهاب جديرة بالاهتمام والإشادة.

هناك عبارة مشهورة لعبدالله بن سبأ يقول فيها إن الشجرة لايضيرها مثل أن تضربها بغصن منها، ولذلك فإن استخدام السعوديين وتوجيههم ضد بلدهم هو خطة مدروسة تكشفت خيوطها مؤخرا وبشهادات من دخل التنظيم. ويقيني أن التنظيم حاليا يقف في مواجهة المجتمع السعودي مجردا من كل دعاويه الباطلة فهو من الناحية الشرعية مكشوف منذ زمن أنه خير ممثل للفكر الخارجي، وهو الآن يتعرى أمامنا على ألسنة العارفين به كتنظيم تديره مخابرات أجنبية بعيدة وقريبة، كما ظهر جليا أن السعوديين فيه ماهم إلا دمى تُستخدم وتحركها أهواء وأغراض ومصالح جهات أخرى، وهم فكريا ليسوا مؤهلين للقيادة وإنما يدفع بهم للواجهة لتنفيذ خطط خفية لايدركون كنهها ولا يعرفون المقصود منها وليسوا من الجدارة بحيث يكونون شركاء في التخطيط وإنما هم بجدارة حطب الحرائق التي يشعلونها بأشلائهم الممزقة.

لقد استخدم السعوديون لتفجير العلاقات السعودية - الأمريكية في أحداث 11 سبتمبر 2001م وما زلنا رغم كل المتاح من المعلومات في شك كبير عمن يقف خلف تلك الأحداث رغم ادعاء القاعدة وتبنيها لها، وهي بذلك تثبت أيضا أنها كانت تقصد استخدام السعوديين لتحقيق أهداف أطراف تسعى للنيل من بلادنا على كل الأصعدة .. واستخدام الشباب السعودي وتوجيههم سهاما مسمومة ضد بلادهم يؤكد نظرية التآمر على هذه البلاد بكل ما فيها ومن عليها.

أعتقد أن وزارة الداخلية بحاجة في ظل هذه المعلومات التي أحدثت ضجيجا كبيرا في المجتمع السعودي والخارج إلى تكثيف الدراسات التي تتعرف بدقة على أسباب هذه السذاجة التي يتعامل بها أبناء المملكة مع مؤامرات تستهدف حياتهم ووجودهم والعمل على وضع برامج تحصن الشباب وتزيد من قدرتهم على المقاومة وقد يحتاج ذلك وقتا طويلا ولكن في نهاية المطاف سنكفي بلادنا شرورا كبيرة على المدى المتوسط والبعيد.