نجاة المضحكي

قام أولئك من‮ ‬يسمون أنفسهم‮ ''‬مثقفون وحقوقيون خليجيون‮'' ‬بإصدار بيان ثانٍ‮ ‬في‮ ‬نفس الشهر،‮ ‬بعد البيان الذي‮ ‬صدر في‮ ‬5‮ ‬ديسمبر‮ ‬2010‮ ‬بشأن اجتماع قمة دول مجلس التعاون الخليجي،‮ ‬وكان بيانهم الثاني‮ ‬بشأن المواجهة التي‮ ‬حدثت بين بعض نواب مجلس الأمة الكويتي‮ ‬وقوات الأمن‮.‬

هنا نسأل من وقع هذا البيان ونقول؛ بأي‮ ‬حق أصدرتم هذا البيان؟ هل حصلتم على تفويض من النواب الكويتيين لكي‮ ‬تصدروه؟ وهل‮ ‬يسمح النواب الكويتيون بجهات من خارج الحدود لتتدخل في‮ ‬شؤونهم الداخلية،‮ ‬كما‮ ‬يفعل بعض النواب البحرينيين؟ وهل الشعب الكويتي‮ ‬سحب وكالته من نوابه وحولها إلى أولئك المثقفين أصحاب البيان؟

أما ادعاؤهم أنهم أصدروا البيان نظراً‮ ‬لما لدولة الكويت وشعبها من مكانة‮ ‬غالية في‮ ‬قلوبهم،‮ ‬وأنهم حريصون على الهدوء واستمرار الحياة السياسية في‮ ‬الكويت،‮ ‬فإن هذا الشعور والمشاعر لا تنطبق مع أهداف البيان،‮ ‬خصوصاً‮ ‬عندما‮ ‬يكون البيان تدخلاً‮ ‬سافراً‮ ‬في‮ ‬شأن كويتي‮ ‬خاص‮ ‬يحمل مسؤوليته النواب والحكومة والشعب الكويتي،‮ ‬كما‮ ‬يعلم هؤلاء عن مدى التفاف شعب الكويت حول قيادته،‮ ‬كذلك هم النواب الكويتيون الذين لا‮ ‬يزايدون على ولائهم المطلق لحكومتهم،‮ ‬وهذا تاريخهم‮ ‬يشهد على ذلك،‮ ‬إذ إننا لم نر أي‮ ‬نائب ظهر على قناة فضائية،‮ ‬أو في‮ ‬مقابلة تلفزيونية أو محادثة هاتفية فيها إساءة لبلده‮.‬

أما إذا حصل تصادم بين النواب وقوات الأمن فهذا أمر لا‮ ‬يعد بالنسبة للطرفين أكثر من‮ ''‬سوء فهم‮''‬،‮ ‬لا‮ ‬يحق لأي‮ ‬مثقف أو‮ ‬غيره أن‮ ‬يتدخل في‮ ‬شأن الكويت،‮ ‬وإذا كان لدىَ‮ ‬من وَقَّع هذا البيان ذرة محبة للكويت لأصدروا بياناً‮ ‬في‮ ‬حق من أقام مجلس تأبين لمن خطف طائرة الجابرية،‮ ‬وسفك دماء الكويتيين،‮ ‬الذي‮ ‬فيه جرح لشعور أهل الشهداء وأهل الكويت جميعاً،‮ ‬وكان عليهم أن‮ ‬يصدروا بياناً‮ ‬عندما كشفت خلية إيرانية تجسسية في‮ ‬الكويت،‮ ‬وذلك لكي‮ ‬نتأكد من هذه المحبة المفاجأة التي‮ ‬نزلت في‮ ‬قلوب موقعي‮ ‬البيان‮. ‬

وللتأكيد فإن بعض من وقع هذا البيان هم من أولئك الحقوقيين الطائفيين في‮ ‬البحرين،‮ ‬والذين نعرفهم جيداً،‮ ‬وهم أولئك الذين‮ ‬يدافعون عن المجموعات الإرهابية،‮ ‬وهم من‮ ‬يتكاتب مع المنظمات الأجنبية عن شؤون البحرين الداخلية،‮ ‬وهم من‮ ‬يلفقون التقارير ويكذبون فيها،‮ ‬وهم من‮ ‬يترافعون في‮ ‬المحاكم دفاعاً‮ ‬عمن‮ ‬يحرق الشوارع ويقتل الناس ويطالبون ببراءتهم،‮ ‬فكيف‮ ‬يمكن أن تكون في‮ ‬قلوبهم محبة وخوف وحرص على مصلحة الكويت‮.‬

أما مطالبة هؤلاء بإطلاق سراح بعض السجناء الذين سموهم بسجناء رأي‮ ‬كالعادة،‮ ‬فنقول إن دولة الكويت هي‮ ‬دولة ذات سيادة،‮ ‬وليس من حق أحد أن‮ ‬يطالب حكومتها أو‮ ‬يأمرها،‮ ‬وإن هذه المطالبة تدخل سافر في‮ ‬شأن سياسي‮ ‬كويتي‮ ‬خاص،‮ ‬تدخل لا‮ ‬يقره الدستور الكويتي‮ ‬ولا‮ ‬يؤيده مجلس أمته،‮ ‬ولا‮ ‬يحبذه الشعب،‮ ‬كما إن سجناء الرأي‮ ‬هؤلاء لم‮ ‬يعطوكم تفويضاً‮ ‬ولا تخويلاً‮ ‬لكي‮ ‬تطالبوا نيابة عنهم،‮ ‬حيث إن لكل منهم محاميه‮.‬

ومن الغريب أن‮ ‬يطالب هؤلاء الحكومة الكويتية بمراجعة سياستها،‮ ‬وذلك عندما‮ ‬يكونون هم أنفسهم بضعة أشخاص ليس لهم أي‮ ‬مكانة أو موقع سياسي‮ ‬ولا ديني،‮ ‬وليس لهم أي‮ ‬شخصية اعتبارية،‮ ‬حيث إنهم ليسوا أكثر من مجرد أشخاص‮ ‬يسعون إلى شق الشعوب الخليجية عن حكوماتها‮.‬

لذلك نقول لهؤلاء ومن‮ ‬يقف معهم؛ الكويت دولة عزيزة على قلوبنا،‮ ‬والمواجهة التي‮ ‬حدثت حرص كل منهم فيها على مصلحة الكويت،‮ ‬ومادامت مصلحة الكويت هي‮ ‬الأولى بالنسبة لهم،‮ ‬فإن هذا البيان‮ ‬يجب استنكاره ورفضه من نواب الكويت،‮ ‬وذلك ليعرف من وقع هذا البيان ومن‮ ‬يقف وراءهم أن مجلس الأمة الكويتي‮ ‬هو المعني‮ ‬بأمر الشعب الكويتي،‮ ‬وأن حكومته هي‮ ‬المسؤولة عن الدولة وشعبها،‮ ‬وليس لأي‮ ‬مثقف أو أكاديمي‮ ‬أو صحافي‮ ‬أو محامي‮ ‬أو تاجر أو حقوقي‮ ‬من خارج الكويت،‮ ‬أن‮ ‬يوقع مثل هذا البيان،‮ ‬خاصة أولئك الذين لديهم انتماءات وولاءات خارجة عن حدود الخليج العربي