يوسف الكويليت

ماذا لو قامت إحدى الدول الأوربية أو أمريكا، أو أي دولة صديقة بتزوير جوازات إسرائيلية للانتقام من أنظمة أو أشخاص، وعملت على تعمية الشواهد، هل سيكون رد الفعل الإسرائيلي مجرد إرسال مبعوثين لتقصي الحقائق، والتعامل بليونة مطلقة، وهي التي تساوم أمريكا على جاسوس لها دخل عمق الأسرار في البنتاغون ودوائر الاستخبارات laquo;جوناثان بولاردraquo; مع أنه أدين بفعلته، وربما يتم العفو عنه في صفقة ما، ونفس الأمر حدث مع أصدقاء لها في الغرب وحتى أستراليا دخلت اللعبة، هل لا يكون هذا التصرف بأثمان باهظة تعود عليها بأكبر المكاسب؟

إسرائيل تنفي وجود بيّنة عليها، وتنسى أن معظم من قتلوا المبحوح يتواجدون على أرضها وهي إدانة محكمة بحقائق الواقع، لكن الأمر الأهم أن الدول التي تعرضت لتزييف جوازاتها تستنكر وتحاول طمس القضية بالنسيان، وهناك من يرى أن التواطؤ بين تلك الدول وإسرائيل حدث، وأن الصورة العامة للاحتجاجات والاستنكار ما هي إلا تغطية على ما جرى من تنسيق بينهم، غير أن الجانب الآخر يكشف عن أن من شاركوا بأسماء دولهم ربما يعرضونها للانتقام من عناصر تجد نفسها في حلّ من أي اتهام بالإرهاب، إذا كان إرهاب إسرائيل لا يعطى هذا المسمى الحقوق والقانوني عندما انتهكت سيادة دولة الإمارات وتعدّت على حقوق دول أخرى بتزييفها جوازات الجناة..

في هذه الحال وأمام إهانات المسلم والعربي في موانئ ومطارات أوربا وأمريكا ، والوصول في تفتيش كل إنسان بالوسائل التقنية الحديثة التي تكشف عورة الرجل أو المرأة، إذا كان ذلك حقاً طبيعياً للاحتراز من أي عمل إرهابي، فهل المطالبة بالمثل بعدم حصول أي دولة تعاملنا بذات السلوك أن نصل باحترازنا بأن كل أوربي وكل أمريكي يحمل جوازاً مزيفاً ولديه النوايا بالقتل أو اتخاذ أي جرم آخر يخل بأمن العرب والمسلمين؟ ثم من أعطى الشهادة المطلقة أن الأجنبي من الدول المتقدمة لا يمكن أن يكون إرهابياً في وقت ذُبحت شعوب وأبيدت غابات واستعملت أسلحة محرمة باسم المصالح القومية، وحتى القاعدة وجد فيها من محترفي القتل ممن ينتمون إلى غير الأصول الإسلامية ومن جنسياتهم، من لا يزال مطارداً أو يقبع في السجون؟

تصوروا لو حدث تضييق على الدول التي تعاملت مع إسرائيل في حادثة المبحوح ووجدت طوابير كبيرة من سكانها وقوفاً أمام سفارات العالم الإسلامي التي تربطها بها علاقات كبيرة، ألا يمكن أن تتضرر وترى أن المانع الحضاري الذي أعطاها الحصانة عن الإرهاب أدخلها نفس النفق مع من تتهمهم بذلك، وتدرك أن التغاضي عن جرائم إسرائيل ما هو إلا تجسيد لعداء مشترك يربطهم باحتقار كل ما هو مسلم وعربي؟

إسرائيل، وحلفاؤها يعترفون أن التنسيق في الاستخبارات والتجسس وتبادل المعلومات حتى الحساس منها موجودة ومستمرة تجسدها مصالحهم مجتمعين، وبالتالي في وجود هذا التعاون، ألا تكون تلك الدول على علم بمجريات ما تريد إسرائيل فعله، وهي التي تنسق معهم باتخاذ ضربة عسكرية أو انتقام من دولة أو اجتياح حدود، أو انتقام من شخص ما، وحتى الاطلاع على الأسرار العسكرية والتقنية؟ ثم ألا يعتبر هذا التمازج في العلاقات أن ما جرى في دبي تم بعلم الجميع ومباركتهم، وبالتالي ألا يستحقون المعاملة بالمثل لنفس الاعتبارات وصيانة لأمننا القومي والوطني؟