محمد صادق دياب
دعوة قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم للجواسيس في منطقة الخليج إلى المغادرة في غضون أسبوع، وإلا فإنهم سيواجهون ملاحقة من قبل الأجهزة المعنية كافة، وتأكيده بتوافر معلومات حول وجود جواسيس من جنسيات غربية وشرقية تعمل لدى جهات مخابراتية أجنبية، وتوجد في المنطقة، أمر لا بد أنه أربك الكثير من الجواسيس في دبي، خاصة إثر النجاح الكبير الذي حققه جهاز الأمن في كشف قتلة المبحوح، وأدى إلى احتراق ذلك العدد الكبير من العملاء، وانتهاء صلاحية استمرارهم للعمل في هذا المجال، فالعميل الذي تنشر صوره، ويفتضح أمره، يعتبر ورقة محروقة يصعب الاستفادة منها في مجال شديد الحساسية والسرية والغموض.
وحسنا فعلت دبي في تحذيرها، فلا أحد يتمنى أن تتحول منطقة الخليج إلى مسرح يعيث فيه الجواسيس فسادا، وفي معاناة الدول التي غفلت عيونها عن مراقبة ما يحدث على أرضها الكثير من الدروس والعبر، فكتائب الجواسيس تشد رحالها حيث تتوافر لها حرية الحركة، ومن دواعي الأمن في هذه المنطقة أن نكون في حالة يقظة لإغلاق الطريق أمام هؤلاء، فلا شيء أخطر من أولئك الأشباح الذين يحملون أغراضهم الغامضة، وأجنداتهم الخاصة لتوسيع دوائر صراعاتهم مع الآخرين على أرض الغير.
وعالم الجاسوسية قد خرج اليوم من دائرة التقليدية، وأحبارها السرية، وأجهزة اتصالها العتيقة، متمردا على الصورة النمطية للجاسوس الذي يقف في ركن الشارع متأبطا صحيفة قديمة، إلى دوائر أكثر تعقيدا، وأشد سرية، مستمدا من التقدم في وسائل الاتصال، والفضاء المفتوح، الكثير من فرص اختبائه، وأصبح بالإمكان مراقبة أي فرد من خلال هاتفه، وبطاقته المصرفية، وبريده الإلكتروني، ومواقع الإنترنت التي يتنقل بينها، وأخطر ما يمكن أن تواجهه المجتمعات سقوط بعض أبنائها في مستنقع العمالة للآخر، وإذا صدقت إحدى وكالات الاستخبارات الغربية بأنها تلقت أخيرا نحو 150 ألف طلب للعمل لصالحها من جميع أنحاء العالم يمكننا أن ندرك موجة التردي الأخلاقي، التي تعكسها حالة التهافت على العمل التجسسي لصالح الغير. وحسْب الأوطان نقاء الأوفياء.
التعليقات