فارس حزام
لا أعرف أين أضع الدكتور يوسف الأحمد وحديثه، الذي أثار الرأي العام عن هدم الحرم المكي وإعادة بنائه، لأجل فصل الجنسين ومنع الاختلاط.
الذي أعرفه، أن الدكتور يوسف أكثر رجال الدين الممتعين، والواجب شكره- وليس ردعه- على الجو الذي يضفيه على الساحة دائماً. فطالما أنه ليس مفتياً، فلا بأس من أقوال -مجرد كلام- تثير اللغط أحياناً، وتختفي آثارها سريعاً، لتبقى مجرد سطر يستحضر في نهاية العام عن أغرب الأقوال والفتاوى.
ومن يراقب حضور الدكتور يوسف على مدى عقد كامل، سيلحظ أن محاولات الشغب المستمرة لم تصنع منه نجماً في الساحة. أتباعه محدودون وأثره ضعيف. فلا قلق من أقواله، التي لا ترقى إلى درجة الفتوى. فكثير منها نكت، وقليل خزعبلات. وحتى أفعاله، كنزوله إلى الميدان بصفة المحتسب، لا تقلق كثيراً، فمن يأتيه كالدكتور يوسف أو مثله، ليسأله عن سلوك ما بلا صفة وظيفية، يسهل ردعه وصولاً إلى ضربه، إذا استلزم الأمر وذلك تحت بند الدفاع عن النفس، وهو ما لن يحدث بإذن الله.
فمثل الدكتور يوسف- الممتع جداً- لا يستوجب رد الفعل القاسي، زجراً أو ضرباً، فأقله أن يؤخذ على حسن نيته وحدود قوله أو فعله، فهو لا يملك قوة، ليفرض على الناس سلوكاً معيناً، ولا جمهوراً تابعاً، يخشى أن يحول أقواله إلى أفعال.
ولعل من راقب المشهد خلال الأيام الماضية، سيلحظ كيف أن الدكتور يوسف بقي وحيداً، بلا جمهور ينتصر له، سوى من محاولات محدودة، لم تكفه شر سخرية الرأي العام والبسطاء من فكرة هدم بناء الحرم.
أعلم أن الدكتور يوسف لا يقصد هدم المسجد، لكن هذه مشكلة الحماس الزائد. يطرب الشخص أحياناً، فيأخذه الحماس إلى الخروج بأفكار يقذفها إلى خارج الملعب. الأكيد أن الدكتور يوسف في لحظات الحماس ينفصل عن نفسه.
لكن، على جانب آخر، يمكن فهم الموقف الإعلامي الصارم تجاه المتطرفين، خاصة الذين يحظون بجمهور، والحال هنا يسمح بطرح السؤال: لماذا الوقوف ضد المتطرفين؟
مثل هذه الأفكار المتوقعة، هي سبب الحرب على المتطرفين، لقناعة أن ترك الساحة لهم، سينتج فتاوى وأقوالاً شاذة، وما يتبعها من أفعال أحياناً.
التعليقات