عدنان حسين
laquo;إيران أصبحت اليوم تتدخل بتفاصيل الحياة كلها في العراق، وتريد أن تفرض علينا ما تشاء من أسماء وصيغ وأوضاعraquo;.
laquo;من المعيب على إيران، وهي تدعي أنها جارة مسلمة، التدخل في الشأن العراقي بهذا الشكل الفاضحraquo;.
laquo;للأسف، أصبح السفر شرقا أهم بكثير من الذهاب غربا، او جنوبا او شمالا، وأصبح التوجه إلى إيران الآن أهم من أن يذهب أحد الى الشقيق العربيraquo;.
هذه المقتطفات ليست من مقال سابق لي، مع أن قائلها كأنه ينطق بلساني، وبلسان كل عراقي وطني وكل صديق للشعب العراقي. إنها لرئيس القائمة العراقية إياد علاوي.. قالها يوم الثلاثاء الماضي في عدد من الذين قدموا لتهنئته بفوز قائمته بأكبر عدد من مقاعد البرلمان تحوزه كتلة انتخابية.. لكن علاوي لم يثبت على هذا الموقف طويلا، ففي غضون اربع وعشرين ساعة راح هو وطارق الهاشمي ورافع العيساوي، في تصريحات وتحركات لهم، يخطبون ودّ إيران ويستجدون زيارة اليها على الطريقة التي عابها علاوي على غيره!!
ماذا بدا مما عدا؟
إيران تؤدي دورا خطيرا في العراق، ليس في الشأن السياسي وحده، وانما ايضا على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. إنها تسلح الميليشيات وتغدق الملايين على الأحزاب والجماعات السياسية الشيعية، كبيرها وصغيرها من دون استثناء، وعلى أحزاب وجماعات أخرى غير شيعية أيضا.. وإيران تنشئ العصابات.. عصابات القتل والسلب.. تصدّر إلى العراق الأسلحة والذخائر.. والمخدرات والعاهرات كذلك.. وخلف هذا كله يقف باسدران (الحرس الثوري) وقيادته.
هذا كله يعرفه بأدق التفاصيل إياد علاوي وطارق الهاشمي ورافع العيساوي وباقي القيادات في القائمة العراقية.
الدور الإيراني يحتاج إلى من يقف في وجهه بقوة وصلابة وصراحة، لردعه والحدّ من تفاقم آثاره التي ستعرقل تطوير وترسيخ النظام الديمقراطي الفيدرالي في البلاد، وتحول دون استرداد العراق استقلاله وسيادته الوطنية.
هل كان كلام علاوي في زوّاره المهنئين هو لمجرد الضغط على طهران لكي ترسل له او للهاشمي او للعيساوي بطاقات دعوة وتذاكر سفر وحجوزات في الفنادق لمقابلة ضباط الحرس الثوري في طهران؟ بماذا سيفرق هذا الموقف اذن عن مواقف الذين هرعوا الى هناك بدعوة ومن دون دعوة بمجرد ظهور نتائج الانتخابات؟!
من نافلة الكلام القول إن في طهران
لا أحد يقدّم المصلحة العراقية على المصلحة الإيرانية.. لا ضباط الحرس الثوري، ولا الرئيس أحمدي نجاد، ولا المرشد علي خامنئي.. فبالنسبة إليهم إيران أولا، بل ولاية الفقية تكون أول كل شيء وفوق كل شيء.. ويخطئ علاوي وجماعته كثيرا إن اعتقدوا ان مفاتيح مقر رئاسة الحكومة الجديدة توجد في طهران، أو في الأقل يتعيّن أن تمر بطهران لنيل البركات.
ما يتعيّن أن يدركه علاوي وجماعته ان الكثير جدا من الأصوات التي حصلوا عليها في الانتخابات الأخيرة، انما هي لمئات الآلاف من العراقيين الذين أرادوا إيصال رسالة قوية بأنهم ضد علاقات التبعية لطهران التي تحرص عليها الأحزاب والجماعات السياسية الشيعية.. ولا ينبغي أن يتصرف علاوي وجماعته بهذه الأصوات على عكس الغاية التي منحت إليهم من أجلها.. وهي بالتأكيد لم تعطَ لهم كي يستثمروها في طهران، او في أية عاصمة أخرى.. ليس لهم حق في استثمارها خارج العراق.. ليس لهم حق في التصرف بها على هواهم.. إنها أمانة، وعليهم حفظ الأمانة إلى أن يحين موعد الانتخابات التالية.
التعليقات