فريد أحمد حسن

رغم الابتسامة التي ظلت مرتسمة على محياه طوال مجلسه الذي استمر نحو ساعة في قصر القضيبية صباح الأحد الماضي، حيث يستقبل رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة كل أسبوع عددا من كبار المسؤولين في المملكة ورجال الدين والصحافة والإعلام وجموعا من المواطنين إلا أنه لم يتمكن من إخفاء ما يشعر به من ألم جراء انشغال بعض المواطنين عن دورهم في التنمية والتطوير باستسلامهم للفتنة التي يسعى البعض إلى إيقاظها ويدعو إلى الخروج على القانون وبممارسة سلوكيات غريبة على شعب البحرين المحب لوطنه وللناس وللحياة.
بأسى قال سموه إن المساجد صارت تستغل اليوم من قبل البعض الذي حرفها عن دورها التنويري والإرشادي وأقحم فيها السياسة حتى غدا دور بعض رجال الدين تحريضيا وخارجا عن مساحة الحث على الدين والالتزام به، بل إن بعض من يصعد المنبر صار يدين مثلا القبض على مجرمين لكنه لا يدين من يستخدم المولوتوف ويؤذي الناس ويخرب lsquo;rsquo;ولو أن هذا وذاك في الأساس ليسا دور المسجد وليسا دور رجل الدينrsquo;rsquo;.. ما يحدث اليوم للأسف - يضيف صاحب السمو - هو أن الشباب الذي نريد من المسجد أن يهتم بتوعيتهم وإرشادهم ليطيعوا الله سبحانه وتعالى يجدون أنفسهم بسبب انحراف بعض المعنيين بالمسجد عن دورهم وقد انشغلوا بالسياسة واشتغلوا بها وتحولوا إلى أدوات تضر بالوطن وتضر بالمجتمع.
وكي لا يتم التعميم حرص سموه أثناء حديثه عن المسجد على التفريق بين رجال الدين الذين يحرضون ويستغلون المسجد لغير رسالته وبين رجال الدين الذين يقومون بدورهم الصحيح وقال إن هؤلاء لهم التقدير من الجميع، حتى أنه ذكر أسماء البعض منهم من الطائفتين الكريمتين وأوضح أن هؤلاء وأمثالهم امتداد لرجال الدين الأولين ممن كانوا يمارسون دورهم التنويري والإرشادي والذين أرشدوا أجيالا من أهل البحرين وعلموهم مبادئ الدين وغاياته وبينوا لهم أهمية الدين بالنسبة للحياة ولم يجدوا يوما أنفسهم وقد خلطوا بين دورهم كمرشدين دينيين وبين السياسة التي ليس مكانها المسجد.
صاحب السمو اهتم خلال حديثه في مجلسه العامر بالإشارة إلى موضوع الانفتاح الذي قال عنه إنه lsquo;rsquo;باب يدخل منه كل ما هو خير للوطن ولكن يجب ألا يكون أداة لخلق البلبلة والفتن والتعدي على حريات الآخرين بحجة الحريةrsquo;rsquo;، ورأى سموه أن الانفتاح بالشكل الأخير هذا ليس إلا تعد على الحريات، فليس من الحرية نثر بذور الشر والفتنة بين الناس وليس من الحرية الإساءة إلى الوطن والمواطنين.
كما اهتم صاحب السمو بالإشادة بشعب البحرين ووصفه بالواعي ولكنه قال إن هذا لا يكفي إن لم يقم كل منا بمسؤولياته وانتقل من مساحة السلبية التي قد يكون وضع نفسه فيها إلى مساحة أخرى يكون فيها إيجابيا فلا يمكن محاربة الفتن بالسلبية ولا يمكن محاربة الفتن من دون أن يتحمل كل واحد منا مسؤولياته كاملة.
سموه انتقد بشدة قيام البعض بحرق إطارات السيارات في الشوارع وتعطيل حياة المواطنين وتعريضهم للخطر، كما انتقد استخدام البعض لزجاجات المولوتوف الحارقة وأوضح أننا اليوم نعيش حالة جديدة توجد فيها سلطة تشريعية وسلطة تنفيذية تتعاون معها بشكل إيجابي يؤدي بطبيعة الحال إلى حل مختلف المشكلات التي قد تعوق تطور حياتنا ومجتمعنا ووطننا وهو ما لا يمكن حصوله عبر الأسلوب غير الحضاري المتمثل في حرق إطارات السيارات والمولوتوف الذي يصيب الأبرياء من الناس.
lsquo;rsquo;تفرقنا يضعفنا ويفتح الطريق أمام الآخرين ليخربوا بلدناrsquo;rsquo; هكذا قال سموه في معرض حديثه عن كيفية التصدي للفتن، وأضاف أنه لا بد من محاصرة الفتنة والتضييق عليها ومنعها من أداء مهمتها وتحقيق أهدافها، وهذا لن يتأتى لنا ونحن متفرقون، فلابد أن تتوحد كلمتنا ومواقفنا ولابد لنا من مواجهة الفتنة بقوة وعدم السماح لها لتفعل ما تود فعله في بلادنا.
سمو رئيس الوزراء اختتم حديثه بالإشارة إلى أن العالم يقدرنا على مختلف الخطوات التي خطوناها بينما بيننا من لا يحمد ولا يشكر، داعيا المواطنين إلى العمل من دون كلل وأن يمارسوا دورهم في التنمية والتطوير وفي كل ما يخدم هذا الوطن والاستفادة من مختلف الأدوات الديمقراطية المتاحة، مؤكدا دور البرلمان في حل مشكلاتنا وقضايانا ومستهجنا أسلوب العنف الذي يمارسه البعض اليوم للتعبير عن موقفه أو للمطالبة بما يريد ومبينا أن lsquo;rsquo;علينا أن نستمع إلى ما يدور في أذهان الناس لنوقف المخطئ ونحاسبه ولنكافئ العامل والمخلصrsquo;rsquo; وrsquo;rsquo;مرفوض ومنبوذ من يحاول إيقاظ الفتنة قولا أو عملا أو يحرض على الكراهية والضغينة بين الناس ويدعو إلى الخروج على القانونrsquo;rsquo; ومؤكدا أن lsquo;rsquo;الحكومة هي أول من يعمل على إحقاق الحق ودفع المظالم عن الناس وأنها ستظل وفية لهذا النهجrsquo;rsquo;.