مكرم محمد أحمد


قد يكون وقوع سلاح نووي في يد إحدي جماعات الإرهاب خطرا محتملاrlm;,rlm; يعتقد كثيرون أن فرص وقوعه لاتزال ضئيلة ومحدودة برغم خطورة آثاره الكارثية علي أمن العالم واستقرارهrlm;.

لكن تفرد اسرائيل بترسانة نووية ضخمة يقدر الخبراء أنها تحوي الآنrlm;500rlm; رأس نوويrlm;,rlm; لا تخضع للتفتيش أو الرقابة الدوليةrlm;,rlm; ولا تندرج ضمن الدول الموقعة علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النوويةrlm;,rlm; يشكل خطرا قائما وموجودا يهدد منطقة الشرق الأوسطrlm;,rlm; ويدفع دولها إلي سباق تسلح نوويrlm;,rlm; ويزيد من فرص امتلاكها لأسلحة الدمار الشاملrlm;..rlm; وبرغم هذا الخطر القائم والمحدق بمنطقة هي أخطر المناطق الاستراتيجية في العالمrlm;,rlm; اختار مؤتمر الأمن النوويrlm;,rlm; الذي أنهي أعماله في واشنطن قبل يومينrlm;,rlm; أن يتجاهل هذا الخطر الداهم تحت ضغوط الولايات المتحدةrlm;,rlm; التي حددت للمؤتمر موضوعا واحدا هو خطر استحواذ أي من جماعات الإرهاب علي سلاح نووي لتحاصر رغبة مصر وتركيا وعدد آخر من الدولrlm;,rlm; طلبت من المؤتمر أن يناقش ابتزاز إسرائيل النووي في ظل ممارساتها التي تتسم بإرهاب الدولةrlm;.rlm;
والمؤسف أن تستمر اسرائيل في خداع العالم تحت ذريعة الغموض النووي التي يعرف الجميع أنها ذريعة كاذبة ومضللةrlm;,rlm; علي الأقل منذ تكشفت أسرار ما يجري في أقبية مفاعل ديمونة بالحقائق والأرقام والصورrlm;,rlm; عندما أطلق الاسرائيلي فانونو الذي كان يعمل ضمن الطاقم الفني في المفاعل شهادته للتاريخ التي نشرتها صحيفة الجارديان قبل عدة سنواتrlm;..rlm; ومع ذلك لاتزال إسرائيل تستخدم هذه الذريعة الكاذبة للإفلات من رقابة الوكالة الدولية للطاقة علي منشآتها النوويةrlm;,rlm; يساندها في ذلك المعايير المزدوجة للولايات المتحدة التي تحرص علي تفرد إسرائيل بامتلاك السلاح النوويrlm;,rlm; بينما تطارد إيران التي وقعت علي اتفاقية الحظرrlm;,rlm; وتحاصرها بالعقوبات لمجرد أنها استخدمت حقها في تصنيع الوقود النووي الذي تنص عليه معاهدة الحظرrlm;,rlm; دون أن يثبت حتي الآنrlm;,rlm; طبقا لتقارير الوكالة الدولية للطاقةrlm;,rlm; أن مشروعها لتخصيب اليورانيوم يتخفي وراءه برنامج عسكري لتصنيع سلاح نوويrlm;,rlm; وما يزيد الوضع سوءا إصرار واشنطن علي الصمت برغم كثرة التقارير الدولية الفنيةrlm;,rlm; التي تتحدث عن تقادم مفاعل ديمونة في النقب ومخاطر تعرضه لتسرب إشعاعي يلوث المنطقة بأكملهاrlm;.rlm;
لقد اجتمع مؤتمر الأمن النووي في واشنطن الذي ضم رؤساءrlm;47rlm; دولة في أضخم تجمع دولي تشهده العاصمة الأمريكية علي طول تاريخهاrlm;,rlm; وفي غيبة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نيتانياهو الذي طلب منه الاعتذار عن عدم الحضور كي يسهل إغلاق ملف اسرائيل النووي إذا صمم الأتراك والمصريون علي ضرورة أن يبحث المؤتمر إخضاع منشآت اسرائيل النووية لرقابة الوكالة الدولية للطاقةrlm;,rlm; وظفر الرئيس الأمريكي أوباما بما كان يريد عندما اتفقت الدول المجتمعة علي عدد من الإجراءات الفردية والجماعية في إطار خطة تستغرقrlm;4rlm; سنوات لتأمين الترسانات النووية ومخازن الوقود عالي التخصيب الذي يصلح لصنع سلاح نووي ومعامل البحث العلمي التي تستخدم البلوتونيوم بهدف إغلاق كل الفرص أمام إمكانية حصول أي من الجامعات الارهابية علي سلاح نووي أو مواد نووية تصلح لصنع سلاح نوويrlm;.rlm;
وما من شك في أن المؤتمرrlm;,rlm; برغم التواطؤ الأمريكي علي تغييب خطر إسرائيل النووي عن جدول أعماله قد أنجز شيئا مهما لأن استحواذ أي من جماعات الارهاب علي السلاح النووي الذي ربما يكون في حجم التفاحة أو كرة القدم ويمكن اخفاؤه في حقيبة يد صغيرة يشكل خطرا كارثيا علي أمن العالم وسلامهrlm;,rlm; لأن هذه الجماعات لن تفكر طويلا قبل استخدام السلاح الذي استحوذت عليهrlm;,rlm; وليس لديها ما يردعها عن استخدامه لأنها لاتتحمل أية مسئوليات تلزمها حساب النتائج الكارثية التي تترتب علي هذا الاستخدامrlm;,rlm; وما يزيد من خطورة الوضع انه منذ أن تفكك الاتحاد السوفيتي توزعت ترسانته النووية ومخازن وقوده عالي التخصيب علي عدد من المواقع في عدد من الدول لا تحظي بحماية كافية إلي حد أغري عصابات الجريمة المنظمة علي تهريب المواد النووية التي يجري تداولها الآن في سوق سوداء واسعةrlm;.rlm;
وثمة وقائع وأدلة مهمة تثبت أن تنظيم القاعدة حاول بالفعل الحصول علي سلاح نوويrlm;,rlm; وفي جنوب إفريقيا تمكنت السلطات عامrlm;2007rlm; من إحباط محاولة سرقة أحد مخازن الوقود عالي التخصيب في الحلقة الأخيرة بعد أن تمكن الجناة من تدمير شبكة الأمان وتعطيل شبكات الإنذار وكسر شفرات إغلاق المخازنrlm;,rlm; ويعتقد خبراء الطاقة النووية أن في العالم أكثر من ألفي طن من الوقود عالي التخصيب تصلح لإنتاج أكثر منrlm;120rlm; ألف سلاح نووي لا تتمتع بحماية كافيةrlm;,rlm; ويؤكد الأمريكيون أن معامل الأبحاث النووية الروسية لديها أكثر منrlm;200rlm; رطل من البلوتونيوم الذي يصلح لإنتاج عشرات من القنابل النووية يمكن أن تتعرض لخطر السرقة أو السطوrlm;,rlm; لكن الهاجس الأكبر لدي الأمريكيين يأتي من قلقهم المتزايد علي الترسانة النووية الباكستانية التي يجاورها ثلاث منظمات إرهابية هيrlm;:rlm; طالبان باكستان وطالبان أفغانستان والقاعدةrlm;,rlm; وهي ترسانة نشيطة يزداد أعداد أسلحتها علي نحو متصاعد في إطار السباق النووي مع الهند الذي لايزال محتدماrlm;,rlm; يمنع الدولتين من قبول أية قيود علي إنتاجهما النوويrlm;.rlm;
وجميع ذلك يؤكدrlm;:rlm; أن هناك مشكلة حقيقية تواجه البشرية تحتاج إلي تعاون المجتمع الدولي لضبط عناصرها وتقليل خطورتهاrlm;,rlm; لكن خطر استحواذ أي من جماعات الإرهاب علي السلاح النووي يشكل فقط واحدا من مخاطر نووية عديدة تهدد أمن العالم وسلامهrlm;,rlm; لايصلح معها مجرد تشديد إجراءات الأمان التي تتحكم في ترسانات الأسلحة ومخازن ومعامل الوقود النووي عالي التخصيبrlm;.rlm; لأن العالم لن يكون بالفعل أكثر أمنا إلا إذا تم إخلاؤه من جميع أسلحة الدمار الشاملrlm;,rlm; وفي مقدمتها الأسلحة النوويةrlm;,rlm; وسبيل ذلك منع إنتاج أسلحة نووية جديدةrlm;,rlm; لأن المخزون الموجود في ترسانات الدول النووية يكفي لتدمير العالم عشرات المراتrlm;,rlm; وتعزيز سياسات إخلاء المناطق الحيوية والاستراتيجية من أسلحة الدمارrlm;,rlm; خاصة الأسلحة النووية بداية من الشرق الأوسط أكثر المناطق عرضة للسباق النووي إذا تحصلت إيران بعد اسرائيل علي السلاح النوويrlm;.rlm;
وبرغم الوعود التي قطعها الرئيس أوباما علي نفسه من أجل عالم خال من الأسلحة النوويةrlm;,rlm; لايزال الجهد الأمريكي في هذا المجال متواضعا ومحدوداrlm;,rlm; يركز علي أهداف عملية تخدم سياسات أمريكا الآنيةrlm;,rlm; خاصة ما يتعلق منها بحصار إيران النووية ويتجنب الدخول إلي صلب الموضوع الذي يمكن أن تكون بدايته الصحيحة منع انتشار السلاح النووي وتنفيذ سياسات إخلاء المناطق من الأسلحة النوويةrlm;.rlm;
وربما تكمن أهمية معاهدة خفض الأسلحة النووية التي وقعها الرئيسان أوباما ومدفيديف وحددت حجم المخزون الاستراتيجي لكل من الدولتين في حدودrlm;1550rlm; سلاحا نوويا في أنها فتحت فصلا جديدا في العلاقات الأمريكية ـ الروسية زاد من فرص تعاون الدولتين بعد توتر طويلrlm;.rlm; لكن إسهامها في تحقيق أمن العالم وسلامه النووي يظل جد محدودrlm;,rlm; وكذلك الحال مع السياسات النووية الجديدة للرئيس الأمريكي أوباما التي ضيقت نطاق استخدام السلاح النووي الأمريكي في الرد علي عدوان نووي باستثناء ايران وكوريا الشماليةrlm;,rlm; لكنها لم تضف الكثير إلي أمن العالم وسلامه النوويrlm;,rlm; وربما يصلح القول نفسه مع مؤتمر الأمن النووي الذي أنهي أعماله في واشنطن قبل يومين وحددت الولايات المتحدة جدول أعماله في قضية واحدة هي مخاطر الابتزاز النووي من جانب جماعات الارهاب ولا شيء أبعد من ذلكrlm;,rlm; لكن أوباما استثمر الحضور الواسع والمهم في مؤتمر واشنطن من أجل حصار إيران وتجريدها من الأصدقاء والمتعاطفينrlm;,rlm; ومحاولة إقناع الدول الأعضاء في مجلس الأمن واحدة وراء الأخري بأهمية الموافقة علي إقرار مجموعة رابعة من العقوبات تصدر عن مجلس الأمن ضد إيران لاستمرارها في عمليات تخصيب اليورانيومrlm;,rlm; وعزمها علي بناء معملين جديدين للتخصيب حتي يكاد يكون ذلك هدفا ثانيا من أهداف انعقاد مؤتمر واشنطنrlm;.rlm;
والواضح أن الرئيس أوباما بذل في هذا المؤتمر جهدا كبيرا في محاولة إقناع الرئيس الصيني هوجينتاو بأهمية تعاون الصين مع واشنطن في قضية فرض العقوبات علي إيرانrlm;.rlm; خلال اجتماعهما علي هامش المؤتمر الذي استهدف إصلاح العلاقات الأمريكية ـ الصينية التي شهدت توترا حادا بسبب صفقة الأسلحة الأمريكية لتايوانrlm;,rlm; واستقبال الرئيس أوباما للزعيم الروحي للتبت دلاي لاماrlm;..rlm; وإذا صح ما أعلنته المصادر الأمريكية بأن الصين وعدت بالعمل مع الفريق الأمريكي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك علي إعداد مشروع قرار فرض العقوبات علي إيران بما يضمن موافقة الصينrlm;,rlm; فإن الرئيس الأمريكي يكون قد حقق خطوة بالغة الأهمية في حصار ايران التي كانت الحاضر الغائب في مؤتمر الأمن النووي في واشنطنrlm;,rlm; سواء في المباحثات الجانبية التي أجراها الرئيس الأمريكي مع جميع رؤساء الدول الأعضاء في مجلس الأمنrlm;,rlm; أم في المظاهرة الإعلامية التي بدأ بها المؤتمر أعمالهrlm;,rlm; عندما أعلنت كندا وأوكرانيا وروسيا وشيلي عن عزمها علي التخلص من كميات غير قليلة من اليورانيوم عالي التخصيب لإظهار تعنت إيران تأكيدا لرغبتها في صنع سلاح نوويrlm;.rlm;
وإذا كانت واشنطن قد نجحت في أن تفوت علي المصريين والأتراك فرصة المناقشة العلنية لمخاطر الإبتزاز النووي الاسرائيلي علي أمن الشرق الأوسط داخل مؤتمر واشنطنrlm;,rlm; فإن الفرصة لاتزال سانحة أمام كل الفرقاء المهتمين بأمن الشرق الأوسط خاصة الدول العربيةrlm;,rlm; عندما ينعقد في نيويورك الشهر القادم مؤتمر المراجعة الأخير لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الذي يستهدف تكريس أبدية المعاهدة في الوقت الذي لاتزال فيه المعاهدة تفتقد إلي العالمية بسبب رفض اسرائيل توقيعها والانضمام إليهاrlm;.rlm;