عامر ذياب التميمي


في عام 1961 وفي بداية عهد الاستقلال قررت الكويت في عهد المغفور له الشيخ عبدالله السالم الصباح إصدار عملة وطنية لتحل محل الروبية الهندية التي كانت تستخدم كأداة دفع مقابل السلع والخدمات في أسواق البلاد، وقد تم تقييم الدينار ، عندئذ ، بثلاث عشرة روبية وعلى هذا الأساس حول المواطنون أموالهم من الروبية إلى الدينار . . .أي أن الروبية سعرت بخمسة وسبعين فلساً تقريباً، وهو السعر الذي على أساسه يقيم الريال السعودي والدرهم الإماراتي والريال القطري تقريباً، وأتذكر في ذلك الحين، وقد كنا في مرحلة المراهقة، كيف كنا نسعد بمساعدة آبائنا بحمل أكياس الروبيات إلى مكاتب البريد لتحويلها إلى دنانير، لم تكن المبالغ كبيرة ، ولم نحصل على تعويضات مقابل جهودنا، ولكن السعادة أتت من أن هناك أمراً جديداً في البلاد وأن علينا أن نتابع كيف سيتم التغيير بعد اعتماد الدينار . .كان قد مضى على تصدير أول شحنة نفط خمسة عشر عاماً انجز خلالها تغيرات في ملامح البلاد والأوضاع المعيشية للعباد وتحسنت نوعية الحياة خلال ذلك الزمن القصير نسبياً، تطورت أوضاع التعليم ، ولم يعد هناك الكثير من الصغار، البنات والأولاد، خارج المدارس، ولم نعد نسمع عن وفيات أطفال لأسباب تتعلق بالإسهال أو البرد أو الجدري أو الحصبة .

كان عدد السكان لا يتجاوز 320 ألفاً ، بموجب تعداد تلك السنة ،1961 كان الكويتيون يعادلون 162 ألفاً يمثلون ما يزيد قليلاً عن الخمسين في المئة، نحن، إذاً، كنا أمام تحولات سياسية واقتصادية بعد بدأ التحضير لانتخابات المجلس التأسيسي وقيام مجلس النقد وإعلان أول وزارة بعد إعلان الاستقلال في 19 يونيو/حزيران 1961 .

نحن الآن بصدد الولوج في مرحلة جديدة هي مرحلة الوحدة النقدية الخليجية والتي أزعم بأنها ستكون رحلة حاسمة في تطوير التكامل الاقتصادي بين بلدان الخليج، وبعد أن تم إقرار مشروع الوحدة النقدية في القمة الخليجية الأخيرة ، التي عقدت في الكويت خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الماضي، لابد أن تساؤلات مهمة مازالت تثار حول هذه الاحتمالات واستحقاقاتها، يتصور كثيرون في الكويت بأن العضوية في الوحدة النقدية الخليجية سيفقد الكويت مكانتها المتميزة في الاستقرار النقدي، يرى هؤلاء أن الدينار هو أقوى العملات، ليس في الخليج فقط ولكن على مستوى العالم ، وبطبيعة الحال فإن هذه الانطباعات ناتجة عن كون الدينار يمثل وحدة قياس كبيرة نسبياً قياساً بالعملات الخليجية، على سبيل المثال، وتعادل أسعار صرف معظم العملات الخليجية مثل الريال السعودي والدرهم الإماراتي والريال القطري ما يقارب الثمانين فلساً كويتياً، وهو سعر صرف يعادل صرف الروبية في أوائل الستينات . لكن العبرة ليس في وحدة القياس، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، ولكن في القوة الشرائية لها أو ما يطلق عليه ب ldquo;Pairty Valuerdquo; وهنا يتم تحديد ما يمكن شراؤه من سلعة محددة بعملات متعددة لمعرفة القوة الشرائية لأي منها، وهكذا فإن ما يحدد قوة أي عملة في هذا العالم هو قوة الاقتصاد الوطني والتزاماته وموارده وإيراداته السيادية . إن من المأمول أن تعزز الوحدة النقدية الخليجية القدرة على مواجهة المتغيرات في الاقتصاد العالمي والتواؤم معه .