نواكشوط - عبد الله بن مولود

ازدادت الساحة الموريتانية سخونة أمس الثلاثاء لسببين أولهما ثورة الحمالين وهم من شريحة المسترقين السابقين، وثانيهما الخطاب الناري الذي افتتح به مسعود ولد بلخير رئيس الجمعية الوطنية (البرلمان) الدورة البرلمانية الثانية لسنة 2010 وحمل فيه بشدة على نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
وحاول رئيس مجلس الشيوخ با امباري، وهو في صف الموالاة، تلطيف الأجواء بخطاب عدد فيه إنجازات الحكومة ودعا فيه لمؤازرة سياسة مكافحة الفساد التي ينفذها الرئيس الموريتاني.
وأكد ولد بلخير أن موريتانيا تشهد 'انسدادا سياسيا مطلقا في مناخ اجتماعي واقتصادي وأمني خارجي من أسوأ ما عرفته في عشريتها الأخيرة'. وأرجع ولد بلخير الذي كان يلقي خطابه فيما تجري مناوشات بين شرطة مكافحة الشغب والحمالين، أسباب الانسداد السياسي الذي تشهده موريتانيا لما أسماه 'اللامبالاة السائدة بهموم الشعب الحقيقية من لدن المؤسسات الحاكمة التنفيذية منها والتشريعية والقضائية'.
وقال 'إن كان واجبي الديني والوطني والمهني والأخلاقي يفرض عليّ دعوة الجميع من هذا المنبر إلى المزيد من المسؤولية، لا أخفي عليكم ولا على المواطنين الكرام أن الوضع في أشد ما يمكن من التأزم والخطورة'.
وذكر ولد بلخير الذي ينتمي لمنسقية المعارضة أن الدورة البرلمانية الماضية انعقدت في ظروف يخيم عليها التوتر الناجم عن التحول المؤسسي 'ضمن ما تمنى الرأي العام آنذاك أن يكون خروجا نهائيا من أخطر أزمة سياسية عاشتها موريتانيا في السنوات الأخيرة'.
وقال 'رغم ما أبديناه آنذاك من تحفظ، فقد بادرنا بتلطيف الجو وذلك بمباركتنا الحصيلة النهائية لمسلسل كاد ينسف وحدة وتماسك شعبنا (...) إلا أن عدم التعامل مع تلك الرسالة ايجابيا، أدى الى عكس كل التوقعات وتولد عنه نسف امال الجميع ليعيد البلد الى مرحلة ما قبل الانتخابات وما شهدته من انفراد بالسلطة وتصفية الحسابات وانتشار الزبونية السياسية وما يتولد عن ذلك من عدم ثقة يتعارض وقيم ومصالح شعبنا وكثيرا ما يؤدي الى نتائج وخيمة لا تحمد عقباها'.
وبنبرة تفاؤل مغايرة أكد رئيس مجلس الشيوخ با امباري أن موريتانيا 'سجلت تقدما بارزا فى مختلف الميادين رغم الظرفية الدولية الناجمة عن الازمة المالية الحادة التي ضربت العالم خلال سنة 2009 - 2010 مؤثرة بشكل خاص على التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى الدول السائرة في طريق النمو وبينها موريتانيا'.
وأعلن رئيس مجلس الشيوخ أن الدورة الحالية ستناقش موضوعات من أبرزها وأكثرها حساسية مشروع القانون المتعلق بليبرالية المجال السمعي البصري الذي قال انه سيكون له 'اسهام كبير فى دعم حرية الصحافة والحريات بصفة عامة'.
وفيما يتعلق بـ'ثورة الحمالين'، فقد شدد الساموري ولد بي الأمين العام للكنفدرالية الحرة لعمال موريتانيا أن حل أزمتهم متوقف على الاعتراف بهم كقوة اجتماعية فاعلة في البلاد، مؤكدا أن 'استمرار الحقد والكراهية من قبل السلطات لن يجدي نفعا'.
وقال ولد بي الذي كان يتحدث أمس أمام مئات الحمالين الثائرين وسط تواجد أمني مكثف إن 'من يسير عكس هذه الاتجاه عليه أن يتحمل المسؤولية الكاملة لما سينجم من كوارث'.
وقال 'لقد قدمت مطالب الحمالة للسلطات الإدارية وهي مطالب بسيطة ومتواضعة وكان من الممكن حلها في يومها الأول، لكن السلطات واجهتها بالتعنت وصدهم عن النضال من أجل نيل حقوقهم'.
وخاطب ولد بي المئات من الحمالين قائلا 'أنتم أصحاب قضية ونضال، وليس باستطاعة أحد أن يقف في وجوهكم لصدكم عن هذا النضال، ومن يقوم بفعل ذلك فهو من يريدكم أن تظلوا عبيدا له وهو ما لن يتحقق أبدا'.
وقال الساموري ولد بي إن الحمالين (غالبهم أرقاء سابقون) 'ملوا التعامل معهم كمواطنين من الدرجة الثانية ولن يقبلوا بعد اليوم الاستعباد أو هضم الحقوق وهم مستعدون للذهاب إلى أبعد الحدود في المواجهة'.
وتأتي 'ثورة الحمالين' بعد الدعوة التي أطلقتها الكونفدرالية الحرة لعمال موريتانيا، لإضراب الحمالين في محاولة منها لمضاعفة سعر تفريغ الطن، ليصل إلى 1000 أوقية (4 دولارات) بدلا من 500 أوقية.
وكان الحمالون قد دخلوا، الأسبوع الماضي، في مواجهات عنيفة مع قوات الشرطة، أسفرت عن اعتقال العشرات منهم. ونظمت نقابة الحمالين ظهر أمس مظاهرة احتجاجية على ما أسموه تجاهل السلطات لمطالبهم، وعدم فتح حوار جدي حول مناقشة أوضاع القطاع.