طهران

عالجت الصحف الايرانية، كل من منظارها، الاتفاق النووي الذي توصلت اليه ايران مع تركيا والبرازيل، حيث رأت صحف النظام ان الاتفاق هو انتصار لدبلوماسية ايران العالمية وهزيمة لقوى الاستكبار، وانه سحب البساط من تحت الغرب والولايات المتحدة لفرض عقوبات على ايران، فيما اعتبرته صحف المعارضة انه اتفاق وهمي، وان الوقود الذي سيتم تبادله غير صالح. وفي سياق آخر، استمرت صحف النظام في شن هجوم اعلامي مركز على الولايات المتحدة، وجهاز الاستخبارات الاميركي الذي وصفته بأنه يسعى لتجنيد عملاء بهدف افشال برنامج ايران النووي. كما ركزت على مؤتمر مجموعة الـ 15 الذي انعقد في طهران مؤخراً والذي تم خلاله توقيع الاتفاق الثلاثي.


استغل النظام الحاكم قمة دول الــ 15، التي عقدت في طهران لتحويلها من مؤتمر لطرح قضايا هذه الدول الى مؤتمر للدفاع عن مواقف النظام الإيراني ضد الغرب والإعلان عن تبادل الوقود النووي في تركيا بإشراف البرازيل!
وكانت طهران أعلنت انها سترفض دوماً تبادل الوقود في اي دولة ولن ترضى سوى بإجرائه على الأراضي الإيرانية، حتى وان شنّـت أميركا وحلفاؤها الحرب. وتقول طهران الآن انه تقرر إرسال 1200 كيلو غرام من اليورانيوم المخصب بنسبة %3.5 الى تركيا في غضون شهر لتحصل طهران بعد ذلك على 120 كيلو غراما من المخصب بنسبة %20 للاستفادة منه لأغراض سلمية فقط.
ويؤكد خبراء نوويون انه لا فائدة من اليورانيوم المخصب بــ %3.5 وان النظام واجه صعوبات تقنية لرفع هذه النسبة، وانه عاد ووافق على التبادل في خطة لخدع الغرب والحيلولة دون إصدار اي عقوبات ضده قد تصدر قريباً عن مجلس الأمن.
ويضيف الخبراء ان النظام كان قد أعلن انه يريد المخصب بــ %20 للاستمرار في تشغيل مفاعل الأبحاث العلمية، وبما ان هذا المفاعل تأسس قبل 20 عاماً، فانه قادر فقط على الاستمرار في نشاطه لخمسة أعوام اخرى، في حين ان اليورانيوم الذي ستحصل عليه طهران من الغرب سيكفيها لمدة 400 عام لتشغيل مفاعل على غرار مفاعل طهران وبقدرته.
ويدرك النظام جيداً انه في حال فرض العقوبات الاقتصادية سيتعرض لخسائر تقدر على الاقل بـ 50 مليار دولار سنوياً، وان معظم كبار المسؤولين الذين يشرفون على صفقات تجارية وعمليات تهريب سيتضررون كثيراً، وقد تؤدي الاحتجاجات الداخلية الى اندلاع انتفاضة جراء تصاعد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية على المواطنين.
أوروبا وفي أول رد فعل لها، أعلنت معارضتها لصيغة تبادل الوقود النووي في تركيا، وأكدت ان الرابح الأساسي من هذه الصفقة هو النظام الإيراني الذي وعد بدوره كلا من تركيا والبرازيل بصفقات تجارية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات. ويدعي مسؤولون انهم ألقوا الكرة في ملعب الغرب من خلال الموافقة على التبادل في تركيا، لكن الدول الأوروبية أعلنت انها توافق فقط على صيغة مشروع فينيا، اي إرسال الوقود النووي الى أوروبا وان يوافق النظام على الحصول تدريجياً وليس فورياً على اليورانيوم المخصب بــ %20 وان تشرف الوكالة الدولية ودول غربية على جميع مراحل استخدام هذا الوقود.
وأكدت الإدارة الأميركية بدورها، انها لن توافق على صيغة التبادل في تركيا وانها ستقنع مجلس الامن بفرض عقوبات.
النظام وقبل الانتظار للنتائج، اعلن انه حقق انتصاراً تاريخياً على الغرب، وانه اجبر مجلس الامن على إيقاف إصدار اي قرار ضده وانه اقنع العالم انه على حق وأميركا وحلفاؤها على باطل.
وتدعي أميركا ان النظام يخطط للحصول على يورانيوم مخصب بــ %90 او %100 لانتاج أسلحة دمار شامل في غضون عام او عامين وانه ينوي إنفاق مليارات الدولارات من عائدات النفط على مشاريعه وخططه النووية مقابل إسكات أصوات المعارضة، من خلال الزعم انه وافق على كل شروط الغرب، لكن الغرب يبحث عن ذرائع فقط لفرض العقوبات او شن الحرب على النظام بهدف إسقاطه.
وربما ان النظام استطاع إقناع دول مثل البرازيل وتركيا بخطه النووي، لكنه عاجز حتى الآن عن إقناع أميركا وأوروبا، لذا فان فرض العقوبات سيطبق ضده قريباً لإرغامه على الانصياع لارادة المجتمع الدولي.

راه سبز (الطريق الأخضر)