وائل الحساوي

جرت الانتخابات البريطانية بسلاسة وسهولة وقرر الشعب تغيير قياداته القديمة وإحلال حزب المحافظين مكان حزب العمال الذي حكم البلاد 13 عاما متواصلة، ثم سارت الحياة طبيعية ومن دون ان يشعر بها المواطن العادي.
العراق اجرى انتخابات شبه حرة منذ اكثر من شهرين، وكان من المفترض ان يتم تكليف رئيس القائمة التي حصلت على اعلى الاصوات، بالطبع فإن الفائز لا بد له ان يتحالف مع القوائم الاخرى ليضمن العدد الكافي من الاصوات، لكن الذي رأيناه هو مسلسل من الاتهامات والطعون وإعادة فرز الاصوات وسفرات متواصلة للفائزين الى الدول المجاورة لضمان الحصول على دعم ثم تصريحات صحافية متكررة وتغيير ولاءات بين المرشحين!
والى يومنا هذا لم يصل الفائزون الى حل ينقذ البلاد، ويحق لنا ان نتساءل: مادام تعطل الحياة السياسية وتعيين رئيس وزراء ليس بالاهمية بحيث يمكن ان يستمر اشهرا طويلة دون ان يؤثر في الحياة السياسية، فلماذا الانتخابات بالاساس؟!

الدعوة إلى حل البرلمان


دعونا نسلك الطريق لننتقل من بريطانيا الى العراق الى الكويت، ان كل ما يشارك به المواطن الكويتي هو انتخابات برلمانية محدودة ثم يشارك الفائز فيها 49 عضوا آخر و16 وزيرا لهم نفس صلاحياته، وقد اعطى الدستور لأمير البلاد الصلاحية لرد القوانين التي يقرها المجلس - مع إمكانية اقرارها مرة اخرى ضمن شروط صعبة - ومع هذا فإن الاستقرار السياسي شبه معدوم في البلاد بسبب التذبذب المستمر والمناكفات بين المجلس والحكومة، والحل الدستوري قد تكرر بطريقة ايأست الناس من إمكانية الإصلاح والاستقرار.
وفوق كل ذلك فقد بدأت بعض الاصوات البرلمانية تنادي بضرورة حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة وكأنما حالة الاستقرار التي عشناها عشرة اشهر - بالرغم من الأحداث الكثيرة خلالها - كأنها امر شاذ لا بد من إيقافه والدخول في صراعات جديدة وتغييرات جوهرية ولا بد من استكمال الدوران في الحلقة المفرغة.
بالطبع لسنا راضين على تشكيلة المجلس الحالية ونعتقد بأن هنالك خللا كبيرا في التشكيلة ولكن هل الحل في التغيير، وهل نضمن ان يأتينا نواب افضل من الحاليين؟! وماذا عن توقف عجلة التنمية والانجاز خلال فترة إعادة الانتخابات والتغيير الوزاري وغيره؟!
في اعتقادي ان حالة الاضطراب وعدم الاستقرار قد اصبحت سمة بارزة في وجداننا وحياتنا ولا نستطيع ان نعمل بهدوء دون ان ننقلب على بعضنا وعلى أنفسنا.
اتمنى على قيادة مجلس الامة ان ترسل جميع النواب الى بريطانيا هذا الصيف ليتعلموا بعض الدروس من تجربتهم السياسية ومن البرود الانكليزي المعروف والذي حقق لهم نجاحات واستقرارا، وان نبتعد قليلا عن التأثر بجيراننا الذين يعشقون الاضطراب المستمر.