راجح الخوري

تسهر إسرائيل دائماً على بثّ رياح الفرقة والانقسام بين المسلمين. وتشكّل إثارة الفتنة بين السنّة والشيعة هدفاً أساسياً من أهدافها الخبيثة والمكشوفة، التي تعمل دائماً على السعي لتحقيقها عبر الدسائس والأكاذيب، ومحاولة تسويق السيناريوات وفبركة الأخبار التي درجت الصحافة الإسرائيلية على نشرها.
لا ندري كيف تقع جريدة مثل quot;التايمسquot; البريطانية في أحابيل الصهاينة وأكاذيبهم البلقاء. ولا نصدق أن هذه الصحيفة تصرفت وكأنها quot;معاريفquot; أو quot;يديعوت أحرونوتquot;، وربما أسوأ، عندما نشرت خبراً لا يستند إلا الى quot;مصادرquot; مجهولة، لكنها صهيونية بالطبع، مفاده ان المملكة العربية السعودية تسمح لاسرائيل بالتحليق فوق أراضيها لضرب إيران !
طبعاً لم تكن الرياض في حاجة إلى عناء إصدار نفي متكرر لهذا الخبر المفبرك الذي يشكل كذبة بلقاء، لأنه ينطوي في سياقه على تناقض مضحك ليس في مصلحة صدقية quot;التايمسquot;، وقد وقعت في الخدعة الإسرائيلية التي يقع فيها بعض وسائل الاعلام الغربية من وقت الى آخر quot;وهي لا أساس لها من الصحة جملة وتفصيلاًquot;، كما قال مصدر سعودي لهيئة الإذاعة البريطانية.


❑ ❑ ❑

وفي سياق الخبر الكاذب والنفي السعودي يمكن التوقّف أمام النقاط الآتية:
❑ أولاً: لم يكتف المصدر الحكومي السعودي بالتكذيب بل حرص على تأكيد سياسة بلاده التي تطالب بخلو المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، وان هذا ينطبق على إسرائيل التي تطالب الرياض بوضع برنامجها النووي تحت المراقبة الدولية.
❑ ثانياً: كشف مصدر عسكري سعودي أن ما نشرته quot;التايمسquot; يفتقر إلى أي معرفة عسكرية ويدعو إلى السخرية. في حين أكد مصدر في الخارجية السعودية أن الأمر مجرد مزاعم ركيزتها البهتان والتجني، وقد درجت إسرائيل دائماً على بث مثل هذه الأكاذيب.
❑ ثالثاً: تقول الرواية المزعومة في quot;التايمسquot; إن الاتفاق على السماح لإسرائيل بالتحليق فوق أراضي السعودية حصل بالتفاهم مع أميركا، ثم تقول في فقرة لاحقة إن أميركا رفضت إعطاء إسرائيل الموافقة على التحليق فوق أراضي العراق للغرض نفسه، فكيف ترفض أميركا حيث تستطيع وتقبل حيث لا تستطيع، والدليل أن الرياض كانت قد رفضت مثلاً مطالب أميركا التي قدمتها تمهيداً لغزو العراق عام 2003، وهو ما أجبر القوات الأميركية على البحث عن ممرات جوية أخرى، وقد سبب هذا الرفض حساسية في العلاقة بين البلدين كما هو معروف.
❑ رابعاً: وهو الأهم، لقد دأبت السعودية دائماً على الدعوة الى حل المسألة النووية الإيرانية بالحوار. ورغم ان من حق الرياض وكل دول الخليج ان تقلق من وجود إيران نووية ذات طموحات إقليمية معلنة، فقد حرص المسؤولون في الرياض على نهج سياسة التهدئة والحوار والتفاهم، وهذا يعني انه لا يمكن إطلاقاً أن يشجعوا الحماقات الإسرائيلية، فكيف بالحديث عن تسهيل مثل هذه المغامرات المجنونة ؟!
❑ خامساً: واضح تماماً ان من غير المعقول أن تسمح الرياض لإسرائيل بعبور فضائها لضرب إيران أولاً للإسباب الواردة أعلاه، وثانياً لأن هذا يعني زجّها في حرب مباشرة مع إيران، وهو ما لا تريده الرياض أبداً.
❑ سادساً: إن سهر خادم الحرمين الشريفين على وأد كل ما قد يثير الفتنة المذهبية واضح من خلال حرصه على إبقاء الحوار والتنسيق مع المسؤولين في طهران في شكل دائم.
❑ سابعاً: بعد 24 ساعة على رواية quot;التايمسquot; والنفي السعودي، جاء كلام الرئيس محمود احمدي نجاد بعد استقباله السفير السعودي الجديد بمثابة تكذيب إيراني قاطع، فقد اتهم أميركا وإسرائيل بمحاولة إحداث فجوة بين إيران والسعودية لانهما تضمران العداء للبلدين.