ماضي الخميس
حققت دولة قطر عبر قناة laquo;الجزيرةraquo; ما لم تستطع تحقيقه من خلال أي وسيلة أخرى، انتصرت قطر بالإعلام على خصومها وخلقت حضوراً وأهمية على المستويين الإقليمي والدولي، واستطاعت قطر أن تستثمر الثورات الطبيعية التي تمتلكها في صناعة وهج ايجابي لها في أنحاء العالم، أكملت المنظومة ببنية أساسية متينة، ومشاريع عقارية ضخمة، وفنادق سياحية رحبة تستوعب القادمين وتلبي احتياجاتهم كافة، وشركة طيران عملاقة مقارنة بعمرها القصير. لقد صممت قطر على أن تخطو في اتجاه صناعة دولة عصرية متكاملة الأركان، ولا أدري لماذا نغضب اذا ما رفعوا شعار: الكويت بالأمس... ودبي اليوم... وغداً لقطر... وإن غداً لناظره لقريب.
*
واجب علينا كدول خليجية وعربية أن ندعم توجه قطر لاستضافة كأس العالم 2022 وهو توجه حميد يستحق أن نقف معه ونسانده بالوسائل كافة، وهو طموح كبير من حق الدول كافة أن تطمح له، وتعمل من أجل تحقيقه، ومثل هذا الطموح هو الذي يخلق الفرق لدى الشعوب، وهو الذي يمنحها الطاقة الإيجابية للتفكير غير التقليدي والسعي إلى تحقيقه. بعض الدول العربية، ومنها الكويت للأسف الشديد، فقدت الحماس والطموح والتطلع، لذلك صار تفكيرنا جميعاً لا يتجاوز موطئ أقدامنا، سامح الله من نزع الدسم من أجسادنا، وألغى ميزة الحماس بداخلنا، وصرنا ننظر إلى الأمور كافة على أساس أنها أحلام من الصعب تحقيقها.
بعض الدول العربية اتخذت موقفاً مسبقاً من التوجه القطري... إما لأسباب سياسية خاصة وبالتحديد بسبب قناة laquo;الجزيرةraquo;، أو لأسباب حسدية خشية من تلك الدول أن تنجح قطر في استضافة كأس العالم وبالتالي ستسجل سبقاً تاريخياً على مستوى العالم ككل.
ميزة استعدادات قطر للمنافسة على استضافة كأس العالم أنها بدأت مبكراً، وخططت لها مبكراً، وسعت لتنفيذ خططها باستثمار الوسائل كافة، التي كانت احداها انشاء قناة laquo;الجزيرة الرياضيةraquo; واستحواذها على حقوق البث الحصرية للبطولات الرياضية كافة ما جعل laquo;الجزيرةraquo; تنفرد دون سواها بامتلاك الحقوق الرياضية كاملة. هنيئاً لهم، ونتمنى لقطر التوفيق وأن تقدم نموذجاً ايجابياً لدولة خليجية عربية سعت لتحقيق المستحيل.
*
تخطو قطر خطوات استثمارية توسعية على مستوى العالم، وقد شاهد العالم كيف استحوذت قطر على محلات laquo;هارودزraquo; البريطانية الشهيرة، وهي إحدى الصفقات التي أخذت اهتماماً إعلامياً كبيراً على الرغم من صغر حجمها مقارنة بالاستثمارات الأخرى التي استحوذت عليها قطر. كما عملت قطر على تنمية استثماراتها في مشاريع عالمية كبيرة في العديد من دول العالم في مجالات الاستثمار كافة، إضافة إلى تبني مشاريع عقارية عملاقة في أرجاء العالم كافة، كما أنها تبنت مشاريع ضخمة في انتاج الطاقة، إضافة إلى استحواذها على العديد من المؤسسات الاستثمارية والمصرفية العملاقة حول العالم. لقد أحسنت قطر في صناعة اسم كبير على مستوى العالم يحظى بالاهتمام والاحترام.
*
في مقارنة بسيطة مع ما تقوم به دولة قطر حالياً مع ما كنا نقوم به سابقاً في الكويت سنجد التالي... حققت قطر نجاحاً كبيراً في الاستثمارات الخارجية مع تراجع كويتي واضح في آلية الاستثمار ونوعيته وأرباحه التي أصبحت تتضاءل سنوياً.
استطاعت قطر أن تؤسس لبنية تحتية بمشاريع عملاقة وضخمة تسر الناظرين، وتراجعنا نحن في مجال العمران، ولا أذكر متى كان آخر عام أصابتنا فيه حالة من الانبهار لمشروع عملاق نتفاخر به.
في قطر تم تأسيس حركة رياضية أساسية قائمة على قوانين واضحة للرياضة... بعيداً عن الصراعات، وتم انشاء مبان رياضية ضخمة لتدعيم تلك الحركة الرياضية التي تم استقطاب العشرات من الكفاءات العالمية لترسيخها، وفي الكويت... القاصي قبل الداني يعلم ما أصاب الرياضة من دمار، وما زال بفضل الصراعات وغياب الحزم والعزم!
أسست قطر لحركة ثقافية متطورة، وتم انشاء مدينة ثقافية على غرار المدن والأحياء الثقافية العالمية تضم داراً للأوبرا ومسارح وسينمات ومقاهي ودور عرض وقاعات للفن التشكيلي وغيرها، وفي الكويت يا حسرة على المسرح والثقافة فمن سيئ إلى أسوأ.
في التعليم أنشأت قطر أكبر مدينة تعليمية على طراز متطور ومستوى عال ضمت العديد من أهم الجامعات والمؤسسات التعليمية على مستوى العالم، ونحن في الكويت تراجع لدينا التعليم إلى أسوأ المراحل، ولله الحمد والشكر!
استطاعت قطر أن تجذب العشرات من الاستثمارات المهمة من دول العالم أجمع، أفسحت المجال للمستثمرين ووفرت البيئة التحتية الملائمة، وأنشأت شركة طيران عالمية تمتاز بأفضل الصفات والامتيازات، ونحن في الكويت نطارد المستثمرين ونضيق عليهم، ونحارب رؤوس الأموال ونطردها، وكانت لدينا أول شركة طيران في المنطقة وبرغبتنا وإرادتنا مسحناها من الوجود في عالم الطيران... اللهم ارحم حالنا.
ولا أدري ماذا أضيف لأضيف، ولست من الذين يجيدون المقارنات، ولست من الذين يروجون للسياسات القطرية في المنطقة، وكثيراً ما كتبت أنتقدها، لكنني أضع خطاً أحمر من الحقيقة، واتحسر على الفرص الضائعة في الكويت التي لا أدري متى نستردها. قارنت هنا مع قطر، ولم أشأ توسيع دائرة القهر لدى المواطنين لأقارن وضعنا مع إمارة مثل دبي... رحم الله حالنا، وستر على أحوالنا. ودمتم سالمين.
التعليقات