راجح الخوري
تعمّد بنيامين نتنياهو ان يذرّ كثيرا من الرماد في عيني الرئيس باراك اوباما، الذي سيجتمع معه اليوم في البيت الابيض.
الدليل على هذا، اعلان واشنطن ان الفجوات تقلصت بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وان الوقت قد حان للانتقال الى مفاوضات مباشرة بينهما!
لكن الجانب الفلسطيني لا يجد اي تقدم في المساعي التي بذلها السناتور جورج ميتشل خلال جولاته المكوكية المتكررة بين الطرفين. فالرئيس محمود عباس لا يرى اي مبرر للانتقال الى المفاوضات المباشرة، وخصوصا ان المسائل المتعلقة بالحدود والامن لا تزال عالقة عند صلف الحكومة الاسرائيلية.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة quot;هآرتسquot; عن نتنياهو قوله لميتشل: quot;من دون ان اعرف كيف ستكون الترتيبات الامنية لا يمكنني ان ارسم الحدود التي اوافق عليهاquot;!
❑ ❑ ❑
المعنى الحقيقي لهذا الكلام ان الجانب الاسرائيلي لا يريد الموافقة على اي حدود للدولة الفلسطينية، التي يفترض وفق القرارات الدولية ان تكون حدود حزيران من عام 1967، بما يعني ضمنا ان القدس الشرقية هي عاصمة الدولة الفلسطينية، وان مساحات واسعة من الاراضي التي قضمتها اسرائيل عبر توسيع رقعة الاستيطان يفترض ان تعود الى الدولة الفلسطينية الموعودة، رغم كل ما قيل عن quot;التبادليةquot; في الاراضي لتحقيق تفاهم بين الطرفين.
رئيس الحكومة سلام فياض الذي يحظى باعجاب واشنطن، اعلن صراحة ان المحادثات غير المباشرة، في جولاتها الاربع الاخيرة، لم تحقق اي تقدم يساعد على الانتقال الى المفاوضات المباشرة، ورغم هذا يصر ميتشل، على الانتقال الى التفاوض المباشر، ربما لان الامر تحتاج اليه الديبلوماسية الاميركية اكثر مما يحتاج اليه محمود عباس.
ورغم ان محصلة المساعي التي بذلها ميتشل هي صفر تقريبا، حرص نتنياهو على ان يذر رماد الايجابيات المزعومة في عيني اوباما، وذلك عبر اتخاذ خطوات صغيرة وهامشية، مثل زيادة حصص التموين المسموح بادخالها الى قطاع غزة، وتشكيل لجنة quot;تحقيقquot; في الهجوم الدموي الاجرامي على quot;اسطول الحريةquot;، والتذكير بان تل ابيب ملتزمة المهلة المتفق عليها لوقف الاستيطان في الضفة حتى شهر ايلول المقبل!
❑ ❑ ❑
مسخرة؟ ربما اكثر من ذلك، على الاقل لان حركة الاستيطان تنشط في القدس، الى درجة تكاد ان تنسف كل الحلول والتسويات المقترحة، لانه من غير المعقول ان يقبل الفلسطينيون والعرب بأي حل او تسوية لا تضمن القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية.
على اساس هذا الواقع المزري الذي وصلت اليه مساعي ميتشل، تبدو زيارة نتنياهو اليوم للبيت الابيض وكأنها مجرد مناسبة لاصلاح الامور مع الرئيس الاميركي، بعد ازمة العلاقة بينهما، التي نشبت عندما رد اوباما على الاهانة الاسرائيلية الموصوفة بتوسيع حركة الاستيطان في القدس، بمعاملة نتنياهو بطريقة سلبية ومهينة في آخر زيارة لواشنطن.
منذ ذلك الوقت بدت ازمة العلاقة الاستراتيجية بين البلدين وكأنها بمثابة جمر سياسي بين اصابع اوباما ونتنياهو. فالاول لا يريد قطع شعرة معاوية مع اسرائيل عشية الانتخابات النصفية للكونغرس، والثاني لا يريد تأكيد نظرية الجنرالات الاميركيين ان اسرائيل باتت عبئا على اميركا. ولهذا يبدو اللقاء بينهما اليوم وكأنه مصالحة تضع التسوية جانبا حتى نهاية
هذه السنة!
التعليقات