عبدالله بن بجاد العتيبي

أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع الماضي استعداده للإفراج عن ألف معتقل فلسطيني مقابل الجندي الإسرائيلي شاليط، وهو ما تلقته بعض الأوساط بالترحاب، وإن كانت حماس تصر على أن عرض نتنياهو هذا لا يحمل جديداً، وإن كانت لا ترفضه.
إن حماس لا ترفض العرض؛ لأنه يمنحها أقصى ما تطمح إليه من إثبات صحة مسارها ورؤيتها وتحالفاتها، حيث الانفصال والمقاومة المحسوبة على إيران، ولكنها لا تطرح على نفسها سؤال: وماذا بعد؟
الصراعات في الشرق الأوسط معقدة جداً، وفي فلسطين شديدة التعقيد، فالفرقاء يكيلون لبعضهم شتى التهم ويتحينون الفرصة للقضاء على بعضهم، وقد حنثوا بقسمهم في الحرم المكي، ونقضوا عهودهم، وعاد كل منهم لمن يدعمه ويواليه بغض النظر عن المصلحة الفلسطينية.
لا ينكر أحد أن حماس هي من بدأت الانقسام الفلسطيني، لا بدافع داخلي بل بدعم إقليمي خارجي معروف، فقد انحازت بوصفها حركة فلسطينية مستقلة إلى أجندة إقليمية تقودها إيران وتتبعها سوريا، ولم يزل قادتها يسافرون بين الحين والآخر لإيران لتقديم فروض الطاعة، ولم تزل دمشق حليفة إيران مقر قائدها المتوج خالد مشعل.
تعاني حركة حماس من سوء ما في علاقتها بالعالم العربي والدول المؤثرة فيه، فقد خسرت السعودية بسبب حنثها بالقسم المكي المعروف، وتكاد تخسر مصر بسبب مواقفها المتعنتة المنحازة لأجندة غير عربية، وتكاد تخسر أتباعها الأيديولوجيين لتصطدم بحركات إسلامية أكثر مزايدة عليها، كحركة الجهاد الإسلامي، فضلا عن صدامها العنيف مع الحركة السلفية الجهادية التي كان يقودها أبو النور من خلال إعلانه عن إنشاء إمارة رفح الإسلامية، والتي قضت عليه وعليها حركة حماس بالقوة المسلحة، ما استدعى استنكاراً شديد اللهجة من أبي محمد المقدسي وما يمثله من ثقل ديني داخل فلسطين والأردن التي تعد حركة الإخوان المسلمين فيها أكبر الداعمين لحماس، خاصة بعد سيطرة الصقور على الحركة هناك.
ما يثير الاستياء الشديد من قصة مبادلات الأسرى بين إسرائيل وحماس أو حزب الله هو أن هذه المبادلات تقوم على أساس أن قيمة الإنسان الإسرائيلي ــ حياً كان أو ميتاً ــ تبدو أغلى بكثير من قيمة الإنسان العربي، فهل يصدق على هذا الواقع المزري قول الشاعر العربي الأول:
والناس ألفٌ منهموا كواحدٍ/ وواحدٌ كالألف إن أمرٌ عنا