مصطفى زين


laquo;الخلافة الآنraquo;. شعار كان يرفعه حزب laquo;التحرير الإسلاميraquo; في شوارع لندن، في تسعينات القرن الماضي قبل أن ينشق عنه عمر بكري، ويؤسس حركة laquo;المهاجرونraquo; التي حافظت على الشعار ذاته، الذي تجمّع حوله مسلمون من كل الأصقاع.

اختفى الشعار من شوارع العاصمة البريطانية بعد laquo;هجرةraquo; عمر بكري وظهوره المفاجئ في لبنان، حيث سجن يوماً واحداً ثم أفرج عنه. أقام بكري في لبنان، فيما أودع laquo;أخواهraquo; ابو قتادة وأبو عمر المصري السجن. ولم يعرف حتى اليوم لماذا أعفي عنه على رغم أن الثلاثة كانوا يملأون شاشات التلفزيون البريطاني بطلاتهم البهية جداً، ويجودون بفتاوى التكفير والقتل يميناً ويساراً. يستضيفهم التلفزيون كلما شاء القيمون عليه إظهار الصورة laquo;الحقيقيةraquo; للإسلام laquo;الصحيحraquo;.

تذكرنا عمر بكري وشعاره وraquo;أخويهraquo; في مناسبة عقد laquo;حزب التحريرraquo; مؤتمراً في فندق بريستول في بيروت، دعا إليه مفكريه من أفغانستان وباكستان وكل أنحاء العالم، لإحياء الذكرى التاسعة والثمانين لـ laquo;قضاء الكفار على دولة الخلافةraquo; العثمانية على يدي مصطفى كمال أتاتورك الذي أسس الجمهورية التركية. ثم تأسست الجمهوريات العربية التي كانت بلدانها خاضعة للآستانة.

laquo;الخلافة الآنraquo; ما زال شعار الحزب الذي كان يرفعه عمر بكري في لندن. ومثل كل شيء في لبنان تحول المؤتمر والمناسبة إلى جدل يقرب الجميع من هاوية الفتنة الطائفية والمذهبية.

وفي الجدل الدائر أن الحزب حصل على ترخيص للعمل العلني لمواجهة الأحزاب الدينية الأخرى، خصوصاً laquo;حزب اللهraquo;، في ظل حكومة فؤاد السنيورة، عندما كان أحمد فتفت وزيراً للداخلية، وفي خضم الصراع المذهبي والتمترس في الساحات عام 2006، وأن قناعات فتفت الديموقراطية وانتماءه إلى اليسار سابقاً، لم تمنعه من الترخيص لحزب طائفي، على رغم دعوة الحزب إلى إقامة الخلافة laquo;الآنraquo;، واعتباره لبنان ولاية خاضعة لهذه الخلافة. وعلى رغم تعارض مبادئه مع الحريات العامة، خصوصاً مع حرية المعتقد التي هي في أساس شرعة حقوق الإنسان (اللبنانيون يفخرون بأن أحد عظمائهم شارل مالك شارك في صوغ هذه الوثيقة العالمية)، إذ إنه لا يجيز حكم غير المسلم للمسلم ويعتبر الديموقراطية كفراً، فضلاً عن أنه يكفّر الأنظمة المعارضة لإعادة الخلافة.

كل ذلك لم يمنع الحكومة اللبنانية من الترخيص لـ laquo;حزب التحريرraquo; الذي أصبح laquo;جمعيةraquo; (الاسم الرسمي لأي حزب في لبنان) يحق لها العمل، وعقد المؤتمرات والندوات ونشر المطبوعات، فضلاً عن نشاطات أخرى يمارسها الجميع، تعرض أمن الوطن والمواطن للخطر ويتم صرف النظر عنها كي لا تغضب الطائفة، وتعلن انفصالها عن نظام الكانتونات.

يقول المسؤول الإعلامي لـ laquo;حزب التحريرraquo; أحمد القصص إنه يختلف عن laquo;حزب اللهraquo; الذي يؤمن بـ laquo;ولاية الفقيهraquo; و laquo;يتفهم الخصوصية اللبنانية، وبالتالي يتخلى عن مشروعه الديني في لبنان، (وهذا) لا يدفع حزب التحرير إلى إعادة حساباته لأنه أصلاً لا يعمل على قياس لبنان، وهو يعدّ أرض لبنان لتكون جاهزة عند لحظة التغيير المفترضة في أكثر من ولاية إسلاميةraquo;.

إعداد الأرض؟ كيف؟

إحياء ذكرى laquo;قضاء الكفار على دولة الخلافةraquo;، شعار laquo;حزب التحريرraquo; المرفوع في مؤتمر البريستول، و laquo;الخلافة الآنraquo;، شعار عمر بكري، لا يوحيان بأن تمهيد أرض لبنان ليصبح ولاية تابعة للخلافة سيكون بعيداً عن العنف. ولا عن تهيئة الجميع للفتنة والحرب الأهلية.