سركيس نعوم
عن سؤال: quot;هل تعتقد اننا خسرنا عسكرياً في منطقتكم؟quot; الذي طرحه الموظف الأميركي السابق الذي تعاطى مع عملية السلام على نحو مباشر والباحث الحالي، أجبت: ليست القصة الخسارة العسكرية. فأنتم لم تخسروا عسكرياً على الأقل حتى الآن. أنتم ضد ايران وتحاربونها، وفي الوقت نفسه أزلتم أكبر خطرين عليها هما نظام الرئيس الراحل صدام حسين في العراق، وحكم quot;الطالبانquot; في افغانستان، ولم تأخذوا مقابلاً لذلك. فهل كانت خططكم السياسية أقل دراسة من خططكم العسكرية؟ لقد اعطيتم العراق لايران على طبق من فضة. لكن عليكم ان تعترفوا اياً تكن التطورات، ان العراقيين الشيعة مع انهم عرب وفخورون بعروبتهم، سيحرصون دائماً على ان يظلوا على علاقة حسنة بل جيدة بايران. ذلك انهم لا ينسون حمايتها اياهم ورعايتها لجماعات كثيرة منهم لجأت اليها هرباً من ظلم صدام حسين. ولا ينوون التخلي عن الحماية المعنوية التي تؤمنها لهم حالياً والتي ستؤمنها لهم دوماً اقتناعاً منهم بأن جوارهم السني لم يقبل حتى الآن رغم كونهم غالبية في العراق فكرة ان يتولوا السلطة او الجزء الاساسي منها في بلادهم. طبعاً لا يعني ذلك معاداة شيعة العراق هؤلاء جوارهم العربي السني. فهم مصرون على الانفتاح عليه وعلى التعاون معه ولكن من دون ان يؤثر ذلك على المعادلة الجديدة التي تتكرس يوماً فيوماً.
سأل: quot;ما هو الدور الذي قامت به ايران اثناء الانتخابات العراقية؟quot; اجبت: انه معروف وموجود في كل وسائل الاعلام على تنوعها. حاولت ايران قبل الانتخابات اقناع الافرقاء الشيعة بخوضها في لائحة واحدة. اخفقت في ذلك اذ خاضوها في لائحتين واحدة بزعامة نوري المالكي رئيس الحكومة وأخرى بزعامة السيدين عمار الحكيم ومقتدى الصدر. بعد ظهور النتائج عادت ايران الى اقناع اللائحتين بالتحالف وخصوصاً بعدما حصلتا على غالبية المقاعد في المجلس.
ونجحت في دفعهما الى تفاهم هما الآن في صدد الاتفاق على تطبيقه. ايران مصممة على خطتها quot;التوفيقيةquot; هذه لأنها لا تريد اياد علاوي رئيساً للحكومة لاعتبارها اياه قريباً من السعودية وغير ممثل للشيعة كونه انتخب باصوات السنة وبعثياً وعلمانياً. على كل يقول كثيرون من المعنيين والمطلعين ان امام اميركا وايران طريقين لا ثالثة لهما. الأولى نشوب حرب مباشرة بينهما. ذلك ان الحروب غير المباشرة فشلت حتى الآن في تحقيق الاهداف الاميركية سواء كان عمادها عقوبات أو امور أخرى. لكن فرض مجلس الأمن عقوبات جديدة على ايران يعني ان الحرب غير المباشرة لا تزال مستمرة وتالياً ان قرار الحرب المباشرة لم يُتخذ بعد. هل يُتخذ قرار كهذا؟ لا أحد يعرف. علماً ان اوباما يفضل الحوار مع النظام الايراني.
اما الطريق الأخرى فهي تفاهم اميركا مع ايران انطلاقاً من اقتناع بوجود التقاء للمصالح الاستراتيجية بينهما. ما رأيك في ذلك؟ أجاب الموظف الاميركي السابق الذي سبق ان تعاطى مع عملية السلام والباحث الحالي: quot;ما تقوله قد يكون صحيحاً. وربما يفكر البعض في واشنطن ان هناك عوائق كثيرة أمامه. منها ان الحرب بين الولايات المتحدة وايران لم تندلع امس بل عام 1979، أي فور قيام النظام الاسلامي في ايران. وهذا يعني ان الدولتين ألحقتا احداهما بالاخرى الكثير من الأذى خلال هذه المدة الطويلة. وذلك أمر لا يمكن نسيانه بسهولة. ومنها ايضاً التحدي الذي مثلته ايران ولا تزال لاميركا واسرائيل والشرق الأوسط كله.
ومنها ثالثاً ان النظام الايراني الحاكم بعيد من الديموقراطية. لكن أهم عائق هو انك لا تعرف ماذا تريد ايران في المطلق. وماذا تريد من اميركا. وأي دور لنفسها تريده. وهل الدور الذي تطمح اليه هو اقليمي اي في محيطها عربياً كان أو اسلامياً أم عالمي؟ هل تريد ان تكون شريكاً لاميركا؟ هل تريد ان تكون دولة نووية سلمياً وعسكرياً؟ هذه امور غير واضحة. ولا اعتقد انها ستتضح الآن. كما قلت التحدي كبير. ولا أحد يريد الوصول الى نهايات سلبية جداً الآن.
على كل ايران تستفيد من بقاء القوات الاميركية في افغانستان والعراق اذ انه الضمان الوحيد لعدم تحول الاوضاع فيهما ضدها. لكنها تساعد في الوقت نفسه من يقاتلون هذه القوات من افغان وعراقيين ومن اي جنسية كانت. ذلك انها تريد استمرار النزف الاميركي غير القاتل لأميركا في المنطقة كي لا تشكل خطراً فعلياً وجدياً ونهائياً عليها. في الوقت نفسه هناك انتخابات نصفية في اميركا. ويُرجِّح كثيرون ان يحصل الجمهوريون على الغالبية في مجلس الكونغرس (مجلس النواب ربما). وذلك فوز مهم. ولا تنسَ شخصية اوباما. أنا اعتقد انه رئيس ولاية واحدة.
وموضوع ايران وموضوع السلام في الشرق الأوسط يحتاجان الى رئيس ولايتين. ولا تنسَ ايضاً مشكلات الداخل الاميركي التي اثارها الخلاف والجدال على quot;الضمان الصحيquot; الذي تبناه وحوله قانوناً، والانسحاب من العراق، ومشكلة النفط المتسرب من خليج المكسيك وآثاره السلبية المتنوعة، والازمة الاقتصادية العامة. ولا تنسَ اخيراً ان منطقتكم تعيش تحولاً ولا اعرف اذا كان يمكن تسمية ذلك تجديداً. هناك تجديد للقيادات جرى وسيجري (مصر ndash; الخليج ndash; سوريا)quot;. هل زرت سوريا أخيراً؟ سمعت انك فعلت. سألت. أجاب الموظف الاميركي السابق الذي تعاطى مع عملية السلام والباحث الحالي نفسه: quot;زرنا سوريا. كنا وفدا. التقينا زوجة الرئيس بشار الاسد في مكان ضخم ومهم. سألناها: هل هذا المكان لك؟ اجابت: لا، في طريق العودة سترون بيتي. انا تزوجت بشار ليس لأنه سيصبح رئيساً للجمهورية في سوريا بل لأنني أحببته. هذا أمر نسمع أو نسمع عنه أو نراه أو نقرأ عنه في بيروت وفي اوروبا وفي واشنطن ولكن ليس في الشرق الأوسط. قد يكون ذلك دليلاً او مؤشراً مهماً. لكن رغم ذلك عليّ الاعتراف بأن سوريا لم تشهد تغييراً اساسياً وفعلياًquot;.
هل قابلت الرئيس بشار الاسد؟
التعليقات