وفيق السامرائي


يوجد صنفان مهمان من الجواسيس المزدوجين. ففي حالة كشف جهاز أمني لدولة ما جاسوسا يعمل لحساب طرف خارجي، فقد يقرر تكليفه بمواصلة العمل مع الجهة التي جندته، على أن يكون تحت سيطرة وتوجيه الجهاز الأمني الذي ضبطه. ويتوقف اتخاذ مثل هذا القرار على مجموعة عوامل أهمها:
middot;ثقة الجهاز الأمني بقدرته على إدارة العملية، وغالبا ما يتطلب موافقة القيادات العليا للدولة عندما يكون رفيع المستوى.
middot;الحاجة إلى مزيد من المعلومات عن المخابرات المقابلة. خصوصا أسلوب عملها وكيفية تجنيدها الجواسيس، والأجهزة والتجهيزات المستخدمة لديها.
middot;مدى الحاجة إلى تسريب معلومات معينة إلى المخابرات المقابلة، لتشويش صورة المعلومات المثبتة لديها ودفعها إلى اتخاذ قرارات خاطئة.
middot;قدرة الجاسوس على القيام بمهمة التصرف بدرجة عالية من الحنكة والذكاء.
أما الصنف الثاني من الجواسيس المزدوجين، ففي حالات خاصة ونادرة، يقوم جهاز مخابرات بإعداد جاسوس وتكليفه بالاتصال بمخابرات معينة بغطاء محدد. لأهداف لا تبتعد كثيرا عن أهداف الصنف الأول. في بعض الحالات يكون وضع الجاسوس مكشوفا لدى جهازي المخابرات المتصارعين، فيتعذر الحصول على نتائج مهمة لأي منهما. فتنتهي قصة الجاسوس خلال فترة وجيزة. هذا يقودنا إلى قصة الباحث/ العالم النووي/الإيراني شهرام أميري. فكل ما قيل عن أنه كان جاسوسا مزدوجا، وقد ضحك على عقول الأميركيين، وحصل على معلومات حساسة من المخابرات الأميركية، ليس إلا دعاية ساذجة لا تستوقف أحدا. ولهذا أسبابه:
أولا، من الجنون أن يكلف جهاز مخابرات عالما أو شخصا مطلعا على أسرار خطيرة بالاتصال بجهاز مخابرات معروف بقدراته العالية. لأن مكلّفهم هذا سيكُشف أمره ويضطر إلى كشف أسرار خطيرة لجهة تريد معرفتها بأي ثمن، فيحدث خرق أمني لا يمكن تداركه.
ثانيا، مستحيل أن تكون المخابرات الأميركية مستعدة لتقديم أي شكل من المعلومات المهمة إلى شخص ما، إلا إذا أريد إيصالها إلى الطرف الآخر لغرض محدد، وبالتالي فمثل هذه المعلومات لن تكون مفيدة للإيرانيين.
ثالثا، يمكن من خلال المناقشة أن يستنتج الجاسوس المكلف حجم المعلومات المتاحة لدى المخابرات، وهذا يتوقف على براعة ضابط العملية.
رابعا، إذا افترض أن أميري كان جاسوسا إيرانيا، وحصل على معلومات حساسة من الأميركيين. فإنه سيكون عرضة لتدابير أمنية وقانونية في حالة دخوله أميركا بإرادته. فكيف سمح له بالنجاح في مهمته؟ ما هو متوافر لدى الأميركيين من أجهزة ومعدات وخبرات لا يسمح بأن يضحك عليهم أحد بهذه الطريقة البدائية.