رفعت السعيد

لم تزلrlm;,rlm; وستظلrlm;,rlm; مشكلات فهم الرؤية الدينية والنظر إليهاrlm;,rlm; واستخدامها في مجريات الحياة والتعاملات والمواقف محل جدل وخلافrlm;.rlm;ولم يزلrlm;,rlm; وسيظلrlm;,rlm; المتدينون يتجاذبهما تعصب مقيتrlm;,rlm; وتسامح محبب للنفسrlm;.

وتمضي قرون عديدة لكن التعصب لا يفقد بريقه ولا جاذبيته برغم كونه هلاكا لأصحابه ولرؤيتهمrlm;,rlm; والتسامح لا يفقد برغم كل سعير التعصب قدرته المتجددة علي الوجودrlm;,rlm; يتجاذبان بل يتصارعان ويبدو أن الزمن غير قادر علي حل ما بينهما من خلافrlm;..rlm; فكيف؟
ولقد يحتاج الأمر إلي فهم أدق وأكثر تحديدا لكل من هاتين الكلمتينrlm;.rlm;
ـ تعصبrlm;:rlm; شد العصابة علي رأسهrlm;,rlm; تجمعوا معا فهم عصبةrlm;,rlm; يتعصبون له أي ينصرونه دون تبصرrlm;.rlm;
ـ تسامحrlm;:rlm; لان في تعامله مع الآخرينrlm;,rlm; نظر للأمر دون تشددrlm;..rlm; سار في الأمر سيرا ميسوراrlm;.rlm;
rlm;[rlm;الوسيط ـ المحيط ـ مختار الصحاحrlm;]rlm;
والتسامح غير التساهلrlm;,rlm; فالتساهل فيه بعض من التنازل عن الحقrlm;,rlm; أما التسامح فهو احترام وجهة النظر المخالفة واحترام المختلفrlm;,rlm; سواء في العقيدة أو في النظر إليها أو في الرأي إزاء أي مسألةrlm;.rlm;
والمثير للحيرة هو أن التعصب والتسامح لا يكتفيان في الأغلب الأعم بالنظر الشخصي للأمرrlm;,rlm; بل هما ينعكسان عن وضع اجتماعيrlm;,rlm; ومناخ مجتمعيrlm;,rlm; ففي زمن ما تسود عقلية التسامحrlm;,rlm; وفي زمن تضعف متأثرة بالمناخ العامrlm;,rlm; وبأساليب الحكم والإعلام والمنهج المجتمعي مع الآخر في مختلف المجالاتrlm;.rlm;
ففي زمن رديء من تاريخ المسلمين ساد التعصب ليس للدين وإنما للملة وللمذهبrlm;,rlm; وفي أحيان كان الحكام والولاة يتقبلون التعامل بصدر رحب مع المخالفين في الديانة من يهود ونصاريrlm;,rlm; بينما يتشددون مع المسلمين المختلفين في المذهبrlm;.rlm;
ونقرأ فلما تشفع إبراهيم بن محمد الدهان الحلبيrlm;(rlm; توفيrlm;810rlm; هـrlm;),rlm; وكان قبلها حنبليا اسمي بالناجيrlm;(rlm; بكر بن عبدالله أبوزيد ـ النظائر ـ صrlm;72).rlm;
ونمضي مع كتاب النظائر كان البعض يري أنه من الإثم الخروج عن مذهبه حتي أن البعض طالب بأن يعذر الخارج عن المذهب كالمرتدrlm;,rlm; وقال أتباع المذهب الحنفي يجوز للشافعي أن يتحنفrlm;,rlm; ولا يجوز العكسrlm;(rlm; صrlm;12),rlm; أما قاضي دمشق محمد بن موسي الحنفيrlm;(rlm; توفيrlm;506rlm; هـrlm;)rlm; فقد قالrlm;:rlm; لو كان الأمر بيدي لأخذت الجزية من الشافعيةrlm;.rlm; وفي كتاب الدرر الكامنة لابن حجر نقرأ يلبغا الخاصكيrlm;(rlm; توفيrlm;768rlm; هـrlm;)rlm; كان يتعصب للحنفية ويعطي لمن يتمذهب لأبي حنيفة العطاء الجزيل فتحول جمع من الشافعية إلي الحنفية لأجل الدنياrlm;(rlm; جزءrlm;5rlm; ـ صrlm;214).rlm;
لكنrlm;,rlm; وبرغم هذا التعصب البغيض كان البعض يتسامح ويتعايشrlm;,rlm; فقد كان لأبي الجعدrlm;(rlm; متوفيrlm;100rlm; هـrlm;)rlm; ستة بنينrlm;,rlm; اثنان شيعيانrlm;,rlm; واثنان مرجئانrlm;,rlm; واثنان خارجيانrlm;(rlm; الذهبي ـ سير اعلام النبلاء ـ جزءrlm;5rlm; ـ صrlm;109).rlm;
وكثيرا ما حاول فقهاء ومفكرون أن يواجهوا التعصبrlm;,rlm; فمحمد إقبال قالrlm;:rlm; إن العقيدة التي ترفض الاجتهادrlm;,rlm; وتأبي التسامح لا تستحق أن يعتقد بها أصحابهاrlm;,rlm; وكان علي بن أبي طالب يحذر من أن يتعصب الرجل لرأي لمجرد أنه يتعصب لصاحبه فقالrlm;:rlm; الحق لا يعرف بالرجال فاعرف الحق أولا تعرف قدر أهلهrlm;,rlm; وقد حاول الرسول الكريم أن يستحث الجميع علي قبول الرأي الآخرrlm;,rlm; والاجتهاد المختلف فقالrlm;:rlm; القلوب بين اصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاءrlm;.rlm;
ولأن المصدر الأساسي للتسامح ومواجهة التعصب هو إعمال العقل يقول الإمام الغزالي في كتابه المنقذ من الضلالrlm;:rlm; إن العقل يري الأشياء كما هيrlm;,rlm; وهو يصلح معيارا لا يخطئ عندما تحاول التمييز بن الحق والباطلrlm;,rlm; والخطأ والصوابrlm;,rlm; بشرط أن يتخلص من غشاوة الوهمrlm;(rlm; أي الأساطيرrlm;)rlm; والخيالrlm;(rlm; أي اصطناع القصص الخرافيةrlm;)rlm; فإن كان كذلك فإن العقل لا يخطئ أبداrlm;.rlm;
فالتسامح يقوم أساسا علي عقل عقلاني لا يقبل الخرافةrlm;,rlm; ولا الأساطيرrlm;,rlm; ولا التعصبrlm;,rlm; وإنما يكون منفتحا علي الحقيقةrlm;,rlm; مدركا أن رأيه هو مجرد اجتهاد إنسانيrlm;,rlm; وأن اختياره بين الآراء والمواقف والرجال هو اختيار إنساني يخطئ ويصيبrlm;.rlm;
ولنستمع إلي أبو الحسن الأشعريrlm;,rlm; إذ يقولrlm;:rlm; اختلف الناس بعد نبيهم في أشياء كثيرة ضلل فيها بعضهم البعض فصاروا فرقا متباينةrlm;,rlm; وأحزابا مشتتين إلا أن الإسلام يجمعهم ويشتمل عليهمrlm;(rlm; مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ـ صrlm;201).rlm;
وكان الإمام الشوكاني واحدا من دعاة التسامح مع الآراء المختلفةrlm;,rlm; ومع المجتهدين مهما خالفوهrlm;,rlm; وقالrlm;:rlm; فإذا تكلم أحد علماء الاجتهاد بشيء يخالف ما يعتقده المقلدون قاموا عليه قومة الجاهلين ووافقهم علي ذلك أهل الدنياrlm;,rlm; وأرباب السلطةrlm;,rlm; وهذا عين الجهل والضلالrlm;.rlm;
ويردد الفقهاء من دعاة التسامح أن الآيات القرآنية التي تتحدث عن الصفح والعفو والصبر والرحمة بلغتrlm;24rlm; آيةrlm;,rlm; وحتي لو حاول البعض أن يرد مسلما عن إيمانهrlm;,rlm; فجواب المسلم هو الصفح والعفو ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتي يأتي الله بأمره إن الله علي كل شيء قديرrlm;(rlm; البقرةrlm;:109).rlm;
وكذلك الحال في المسيحيةrlm;..rlm; التعصب وجد ولم يزلrlm;,rlm; والتسامح أيضاrlm;,rlm; لكن اللافت للنظر هو موقف الأب جيوفاني مارتيني من دعاوي نيتشه ضد المسيحيةrlm;,rlm; والتحريض علي الإلحادrlm;,rlm; فقد قالrlm;:rlm; كان نيتشه أكبر داعية للإلحادrlm;,rlm; لكنه بقي في دائرة المسيحية لأنه كان يتحدي المسيحيين ويحرضهم علي التفكيرrlm;,rlm; ويحفز عقولهم كي يقيموا إيمانهم علي وجه أكثر تماسكاrlm;(rlm; دواعي الإيمان في عصرنا ـ ترجمة الأب يوسف خاشاقجي ـ صrlm;111).rlm;
وهكذا يظل الإيمان المتسامح قادرا علي أن يظلل المؤمن بالحكمةrlm;,rlm; والقدرة علي احترام الآخرrlm;,rlm; واحترام رأيهrlm;,rlm; وربما القدرة علي اكتساب العقلاء إلي صفهrlm;.rlm;