سعد عطية الغامدي


المجتمع الأمريكي مجتمع بدهي لا يذهب بعيدا في التحليل والتأويل وتغلب عليه البساطة بل وربما السذاجة، ويعجب المرء أن تكون أمة بهذا النفوذ وبهذا المجتمع أيضا.
ربما هذا سر تفوقها لأن القيادة السياسية لم تجد من يوقفها عند كل تحرك تريد اتخاذه، في الوقت الذي لا يشغل الناس أنفسهم بغير أمور معاشهم مطمئنين إلى أن صناديق الاقتراع قد كفتهم مؤونة التتبع اليومي.
لكن المستفيد من هذه السذاجة هم أصحاب الأجندات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الذين بنوا نفوذهم على الترفيه الواسع الذي تصنعه هوليود ويغرق الناس فيه وعلى الاستبيانات التي يوجهون من خلالها ما يريدون توجيهه ليحصلوا على ما يريدون، وليس كل استبيان نزيها أو قويما، بل هو موجه في أغلب الأحيان.
في إطار الترفيه الهوليودي جاءت أيضا الرسائل المسمومة التي أدخلت في روع العقلية الشعبية الأمريكية البسيطة الخوف والرعب ثم بنت الاستبيانات على هذه النفسية توجهات تحقق ما يشاء أصحاب الأجندات.
في هذا الخضم يجري الصراع حول المركز الإسلامي المزمع إنشاؤه قريبا من موقع برجي مركز التجارة العالميين اللذين انهارا في أحداث الطائرتين في الحادي عشر من سبتمبر ليفتح جراح الخوف والإرهاب في أذهان مجتمع شديد الهلع كثير الوسوسة.
الذين يريدون إقامة المركز يسعون إلى أن يكون مكانا يجمع ويؤلف ويشمل الجميع بروحانياته، والذين يعارضون إقامته يحتجون بأن في ذلك تحديا لمشاعر الأمريكان ومصاب أقارب الذين قضوا في الحادث.
الحكمة غائبة عن الطرفين لأن على الساعين إلى البناء أن يبتعدوا عما يمكن استغلاله ــ بحق أو بباطل ــ ضد المسلمين عموما، والمناهضون يريدون مصادرة حقوق أقلية من الأقليات في مجتمع لا تميز في تعامله على أساس دين أو عرق أو هوية.
الضحية هي ما يحتاج إليه المسلمون كي يعينوا مجتمعا مريضا على التعافي، ولو كان ذلك على حساب مصالح قريبة أو مكاسب مؤقتة.