داود الشريان


اذا استثنينا تجربة الدراما الرائدة في الكويت والتي تأسست في ستينات القرن العشرين على يد المسرحي المصري زكي طليمات، فان التجربة الدرامية في السعودية والدول الأخرى الخليجية تثير الحزن. حتى بعض الدراما الكويتية الحديثة أصيب بعدوى التسطيح والصراخ والتهريج. في اختصار مخلّ، يمكن تعريف الدراما بأنها الفعل، لكن معظم المسلسلات التي تنتج في دول الخليج مجرد جمل اسمية بلا فعل ولا فاعل. الدراما، أيضاً، هي تطور الأحداث وتغيرها. وفي مسلسلات الخليج لا شيء يتطور، معظمها حكايات مسطحة، وتهريج ثقيل يثير الملل، فضلاً عن فقدانها الحد الأدنى من صورة الدراما وتفاصيلها الصغيرة.

بدأت الدراما في الخليج على أيدي هواة. كان هذا امراً طبيعياً. لكنها استمرت بأيدي هؤلاء، وأزمتها الأعمق أن الهواة يعيدون اختراع العجلة، وعلى نحو يثير الشفقة. صار كل من يكتب مقالاً أو خبراً في صحيفة كاتباً درامياً. هناك حال من الاستسهال، وإن شئت الاستخفاف بهذا الفن، لذلك بقيت الدراما في مسلسلات الخليج لا تختلف كثيراً عن المواقف التمثيلية البسيطة والساذجة التي كان يؤديها طلاب المدارس في القرن العشرين، وان كانت تمثيليات الطلاب تنطوي على عفوية تفتقدها مسلسلات اهل الخليج. هذا لا ينفي أن هناك بعض التجارب الناجحة، لكنها استثناء يثبت القاعدة.

الدراما ليست نصاً ساذجاً، وممثلاً يستطيع الاضحاك الساذج. انها حالة ابداعية، وصناعة متكاملة. وفي الخليج لا تزال صناعة الدراما تجميعاً وتلفيقاً، وهي تعتمد - في الغالب - على انصاف الموهوبين والأدعياء. الدراما بحاجة الى معاهد لتخريج أفواج من المهندسين والفنيين والمبدعين في الديكور والاضاءة، وفي كتابة النص، والحوار، والسيناريو، والنقد. ولا بد ان يعود الممثلون الى مواقعهم، فيتركون الإخراج للمخرجين، والإنتاج للمنتجين، والكتابة للمؤلفين. وقبل هذا وبعده، لا بد للدراما في الخليج من اعتراف رسمي.

لاشك في ان المجتمعات التي لا تنتج فنها الدرامي تندثر. الدراما تلقن الناس تفاصيل الحياة، وتحافظ على التراث المادي والمعنوي للشعوب. وعلى رغم أهمية دورها لا تزال دول الخليج تسنده الى كل من هبّ ودبّ.