وضحى المسجّن
لا أميل للعب، واللعبة الوحيدة التي استهوتني في طفولتي لعبة تركيب المكعبات وإعادة تفكيكها، إنها لعبة ممتعة وذكيّة؛ لذا أنوي أن أضع كل شيء على الطاولة و ألعب ذات اللعبة أمام الكبار، وبالمكعبات التي وجدتها أمامي منذ فترة وهي:
المكعب الأوّل: سكينة محمد اشتياني
المكعب الثاني: جريمة قتل زوجها برفقة عشيقها،جريمة الزنا
المكعب الثالث:حكم الرجم
ثلاثة مكعبات غير كافية تماماً كما يعرف الأطفال والكبار أيضاً،غير إنها تصنع شيئاً لمن تستهويه اللعبة، واللعبة أن ما تثبته الشريعة أن القتل جريمة والزنا جريمة،غير أن مايبدو من كل مايُطرح في قضيّة سكينة أن العالم والشرع يجرمها بخصوص الزنا فقط ولايجرمها بخصوص القتل، ذلك أن المكعب الثالث (الرجم) حد للزاني وليس للقاتل،فهل يظل الراديكاليون يحتكمون للعادات في قياس قضيّة يريدون لها أن تكون باسم الدين، فيجدوا في الزنا جريمه ويقيمون عليها الحد وينسون أمر القتل، أم أن حكم الرجم يريدونه شاملاً للجريمتين!!؟
جريمة الزنا كقضيّة يقام فيها الحد،من الصعب تحققها؛لأن اشتراطاتها وفق النص القرآني ووفق كتب التشريع ووفق كثير من الحوادث التي طالعنا بها التاريخ الإسلامي، laquo;لا يثبت الزنا في الشريعة الإسلامية إلا بالبينة وهي شهادة أربعة ثقات عدول يرونه حقيقة أو بالاعتراف أو بظهور حمل الزانية ولا يقوم فحص الحامض النووي ولا كاميرة التصوير أو الفيديو مقام الأمور السابقة المذكورةraquo;
الشيخ محمد صالح المنجد
إضافة لقول رجل الدين، فإني كعقل يفكر ويلعب لعبة المكعبات أرى أن القضيّة من الصعب تحققها حتى مع ظهور الحمل وذلك بالاستناد لحادثة وقعت في زمن أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب..حيثُ جاء شخص يريد من الإمام أن يقيم الحد على ابنته لأنه اعتقدها زانية حين صارت حبلى دون أن تكون متزوجه فنظر الإمام في الأمر وعبر دقة بالغة في ملابسات الحادثة اتضح له أن الصبيّة كانت قد جلست في مكان ما على ثوب والدها المبلل فحبلت، وقد أثبت العلم الحديث أن ثمّة نساء يحبلن بذات الطريقة التي وردت في الحادثة لأمر يتعلق بخصوبتهن ربما، ولعل أحدكم شاهد الفيلم المصري (مذكرات مراهقة) الذي سلط الضوء بشكل ما على هذه القضيّة...
كما أن قضيّة أربعة شهود ثقات يشترط معاينتهم للحادثة،يعني أن يرى الأربعه بأعينهم الحادثة ولا يحل مقام الرؤية المباشرة الرؤية بالفيديو أو الكاميرات ولا الشك لدخول شخصين لمكان ما فنظن أن الزنا تحقق،مما يجعل التحقق يكاد يقارب الاستحالة إذا من الممكن أن يرى الحادثة شخص أو شخصان على احتمال مبالغ فيه غير أن تحقق وجود أربعة أشخاص يرون الحادثة بشكل مباشر يكاد يكون مستحيلاً، وحتى افتراض تحقق وجود الأربعة لايؤخذ به مالم يكن الأربعة ثقات، فهل يصادف أن يجتمع أربعة، ثم يكون الأربعة ثقات، ويشاهدوا جريمة الزنا!!؟
الأمر يكاد يستحيل في المشاهدة وفي كون الشهود جميعهم من الثقات، ولعل أحدكم يذكر حادثة الصحابي المغيرة بن شعبة وهي أن الشهود على المغيرة بن شعبة لما شهدوا به عند الخليفة عمر بن الخطاب، وهم أبو بكرة وزياد ونافع ونفيع.. فصرح بذلك أبوبكرة ونافع ونفيع، فأما زياد فقال له الخليفة عمر قل ماعندك وأرجو أن لايهتك الله صحابياً على لسانكraquo; فقال زياد:
رأيت نفساً يعلو، ولا أدري ما وراء ذلك يا أمير المؤمنين، فقال عمر:الله أكبر. وأسقط الشهادة ولم يعدّها تامة،لعدم اكتمال نصابها بالأربعة.
فهل شهد في قضيّة سكينة اشتياني أربعة؟ وهل شاهدوها جميعهم واحدا واحدا بشكل مباشر؟ وهل صادف أن كانوا من الثقات أيضاً؟
أتحدّث بالشرع الذي تحكمون به، وأن تكون كل الاشتراطات تحققت فعلاً في قضية الإيرانية سكينة فستكون تلك معجزة القدرة البشرية في الاجتماع لحماية الدين الذي نتحدث باسمه دائماً،وسأدعو أيضاً باسم الدين والتشريع الإسلامي بالحكم على عشيق سكينة المغيّب الذي لم يظهر في المشهد و لم يشمله الحكم،فهو أيضاً ووفق الشريعة أن يكون محصن لابد أن يطاله الحكم ويطبق عليه الحد (الرجم) وأن لم يكن محصنا يطبق عليه الحدّ المعروف في هذه الحالة وهو الجلد لعدد معين من الجلدات كما هو معروف في مثل هذه الحالات.
أن تحقق كل الاشتراطات في قضية سكينة يعني ثبات تورط شخصين في جريمة الزنا سكينة وعشيقها باعتبار أن من رأى الحادثة واثبتها على سكينة فلابد أنه أثبت تحقق الزنا على عشيقها أيضاً،فهل تم رجم عشيقها الذي لم نسمع مايروى بشأنه؟ أم أن الشريعة أيضاً تعمل عمل العادات وتسير بأمر من الهيمنة الذكورية؟
أفهم الدفاع عن الشرف وأفهم العمل بالشريعة،ولا أنادي بالحريات بالشكل الذي يصادفه العالم كل يوم من الغرب وليس لديّ منطلقات مماثلة لمنطلقات وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير حين يطالب بحماية سكينة من الرجم دفاعا عن الحرية،إنني أحدثكم بالشرع الذي تحكمون به.
إلى الأعلى
التعليقات