الحديقة الخلفية للإرهاب!
خالد حمد السليمان
الحرب مع الإرهاب اليوم هي حرب معلومات بالدرجة الأولى، فمواجهة التنظيمات السرية والتصدي لمخططاتها وإحباط عملياتها يعتمد على توفر المعلومات وتبادلها، خاصة بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية للدول التي تخوض معركتها ضد عدو إرهابي مشترك كتنظيم القاعدة مثلا!
واليمن اليوم يخوض معركة مكشوفة ومفتوحة ضد تنظيم القاعدة الذي جعل من أرضها قاعدة له ينطلق منها لتنظيم صفوفه وتجنيد أتباعه وتمويل نشاطاته وتخطيط عملياته ضد المملكة وغيرها من الدول التي يستهدفها تنظيم القاعدة!
وهي معركة وإن اتخذت الأرض اليمنية ساحة لها إلا أن جبهتها تمتد لتصل إلى جميع الأطراف المستهدفة من تنظيم القاعدة في أي مكان في العالم، وبالتالي فهي معركة لا تخص اليمنيين وحدهم!
وإذا كان المجتمع الدولي الذي اكتوى بنيران الإرهاب يتحمل مسؤولية تقديم الدعم لليمن في مواجهة تنظيم القاعدة حتى لا تتحول اليمن إلى قاعدة بديلة للتنظيم الإرهابي عن أفغانستان، فإن اليمنيين يتحملون مسؤولية مشاركة حلفائهم المعلومات الأمنية والاستخباراتية التي تعزز فرص مواجهة التنظيم الإرهابي وإحباط مخططاته التي وإن انطلقت من اليمن فإنها لا تستهدفه وحده!
فاليمنيون لا يقبلون أن تكون بلادهم الحديقة الخلفية للإرهاب الذي يستهدف جيرانهم، ويدركون جيدا أن التعاون الأمني بينهم وبين المملكة ـــــــ وهو قائم بلا شك ــــ يستدعي سرعة تزويد المملكة بالمعلومات عن المطلوبين المتمترسين هناك وذلك أحد أهم عناصر المواجهة المشتركة للعدو المشترك!.
أمير الكويت .. والنعرات الطائفية!
محمد بن علي الهرفي
سعدت بقراءة كلمة سمو أمير الكويت بمناسبة العشر الأواخر من رمضان، وقد تحدث الأمير عن قضايا عدة مهمة تتعلق بالشأن الداخلي لبلده، لكن بعض القضايا التي تناولها كانت في غاية الأهمية، وهي -أيضا- لا تتعلق بالكويت وحدها لكنها تعني كل دول الخليج -بصفة خاصة- وكثير من دولنا العربية والإسلامية -بصفة عامة-.
تحدث عن أهمية الوحدة، كما تحدث عن الآثار المدمرة للنعرات الطائفية، والنعرات القبلية، وحث على عدم بث روح التعصب والفرقة وشق الصف، لما لكل ذلك من الآثار المدمرة على وحدة الأمة.
إن الذي يتأمل التاريخ يدرك ببساطة أن هلاك الأمم وضياع ملكها إنما يبدأ بالاختلاف بين طوائفه، وعندها يبدأ العدو المتربص في تحين الفرص للانقضاض على تلك الأمة؛ لأنها أصبحت فريسة سهلة.
حدث ذلك للأمويين والعباسيين وللخلافة الأموية في الأندلس، بل حصل لكل أمة مهما كان دينها أو موقعها أو قوتها.
ولأن بعض دول الخليج تمر -حاليا- بأوضاع مشابهة مهما حاولنا أن نتعامى عنها، فإن كلمة الأمير جاءت في وقتها، ولعل هذه الكلمة مع كلمات مخلصة من هنا أو هناك تكون دافعا لعمل جاء يقف ضد النعرات مهما كان نوعها.
الفتنة الطائفية تطل برأسها في الكويت وفي البحرين.
وللأسف فقد زادت الأمور وتصاعدت وأخذت أبعادا مؤسفة ما كان ينبغي لها أن تحصل بين أبناء البلد الواحد.
والشيء اللافت للنظر أن الجميع على اختلاف مذاهبهم أو عقائدهم الفكرية، يتحدثون عن مخاطر الفرقة وعن أهمية الوحدة الوطنية والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد.
الإعلام البحريني يتحدث هذه الأيام عن مخطط إرهابي يستهدف أمن البحرين واستقرارها، والكلمة -بطبيعة الحال- يجب أن تكون للقضاء، وقبل مدة كان المجتمع البحريني منشغلا بالحديث عن فتنة طائفية، والكل يعلم خطورة ذلك الانقسام على كل المواطنين، وبالتالي ما كان يجب أن تصل الأمور إلى هذه الدرجة المزعجة.
وفي الكويت جرى حديث طويل عن شبكات تجسس، وعن ولاءات لهذا البلد أو ذاك، وكان الواجب أن يكون حب الكويت هو مظلة الجميع على اختلاف طوائفهم ومناهجهم الفكرية.
دول أخرى تظهر فيها خلافات مذهبية وإن كانت بشكل أخف، كما تظهر فيها خلافات فكرية بشكل واضح، ولو كانت هذه الخلافات تجري تحت مظلة الحوار الهادئ المقبول لكان ذلك ظاهرة إيجابية، لكنه -للأسف- يخرج عن إطاره المقبول إلى ممارسات تصل إلى حد التخوين والتكفير.
إن هذه الأوضاع تعطي انطباعات سيئة عن مستقبل المجتمعات التي تحصل فيها، وهي إن كانت قابلة للسيطرة عليها حاليا فقد لا تكون كذلك في المستقبل، واقرأوا التاريخ إن شئتم.
في تاريخنا الإسلامي شواهد على ما أقول، ففي عصر الخلافات الأولى كان يعيش المسلم والكافر، وكانت كل الطوائف حاضرة على اختلاف عقائدها، وكان الجميع يعيشون سواء تحت مظلة الدولة، باعتبارهم مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات.. وفي عصرنا تعيش طوائف متنوعة في أمريكا -مثلا- مختلفة في الديانات والأعراف والتقاليد، لكنهم يلقون المعاملة نفسها باعتبارهم مواطنين أمريكان، ولم تختلف هذه المعاملة إلا مؤخرا بفعل الظروف السياسية، لكنني أحكم على العموم والسائد..
من المهم أن نستفيد من تلك التجارب إذا أردنا أن نصل إلى النتائج نفسها.
وأتفق مع ما قاله أمير الكويت من أهمية الاستفادة من هذا الشهر الكريم ونحن نعيش آخر آيامه العشر في إشاعة قيم الحوار والقيم الإسلامية الرائعة التي نؤمن بها، لكي نصفي نفوسنا من كل الأحقاد، ونبتعد عن كل أنواع الفتن التي تفرق مجتمعاتنا وتضعفنا جميعا، ولعلنا -جميعا- نضع إسلامنا الرائع أمام أعيننا لنطبقه قولا وعملا، وعندها سنبني مجتمعنا قويا يحترمنا -عند ذلك- الكل، ولا نكون أمة ضعيفة لا قيمة لها.