يوسف الكويليت

من أقدم القضايا الشائكة بين الدول والأمم قضايا اللاجئ السياسي، سواء كان على قمة سلطة دولة، أو ضابطاً عسكرياً، أو لاجئاً معارضاً لبلده، وقضية الإيواء متاحة حسب القوانين القبلية قديماً، أو نظم وتشريعات الدول حديثاً، ولعل بريطانيا التي اشتهرت بأنها مركز الإيواء بسبب قوانينها العادلة، صارت الآن مركزاً لتلك العناصر، وخاصة من الدول العربية والعالم الثالث..

اللاجئ مهما كانت الأسباب التي دعته لهجرة بلده، والبحث عن منطقة أمان فهو محق في تصرفه مع الالتزام بقوانين البلد الذي قصده وفتح له الأبواب كعامل إنساني وقانوني..

في بريطانيا هناك جنسيات مختلفة استطاعت أن تحصل على ضمانات اللاجئ لكن بعضها تحول إلى قطب في التحريض أو احتواء العناصر التي تجمعه معهم نفس القضايا، ومحاولة الإضرار ببلده، وقد لا يكون ذلك بطريقة مباشرة مثل حرية القول والظهور بالفضائيات أو الإنترنت، وهو أمر مقبول بالنسبة لدولة الإيواء، لكن إذا وصل التحريض إلى الإضرار بأمن الوطن مثلما يجري من اللاجئين الخليجيين في بريطانيا، والتي أشار المجلس الوزاري الخليجي المنعقد في جدة، إلى مناشدتها إيقاف هذه الممارسات، لأنها تعدت حد المسموح إلى التآمر على سلامة تلك البلدان، وأصبحت تشكل خطراً يجب أن تراعيه الدولة المضيفة..

في الواقع ليس الأمر مقتصراً على إبداء رأي في وضع ما، بل أصبحت شبكات الإرهاب تدار من خلال تلك الدول والأشخاص ، وقد لاتكون الدوافع واضحة مثل تمويل الحركات والأشخاص وقياداتها وهي مسائل أحدثت سياسات دولية في رصد ومطاردة هذه العناصر، وبريطانيا معنية بالتعاون مع الدول المتضررة من لاجئيها، وإلا كيف تطالب غيرها بالمساعدة بالقبض أو معاقبة عناصر مماثلة وهي الدولة الديموقراطية الحريصة على قوانينها، لكنها لا تبالي بالآخرين طالما الأضرار لا تصل إليها..

الدول الخليجية تضررت، ولو أن الأمر يقتصر على نقد أو إبداء رأي معارض، فهذا يقع ضمن الحرية المتاحة، ولا يلام أحد على أن يخرج شخص أو أشخاص لهم وجهات نظر تعارض بلدانهم، لكن أن تصل الأمور إلى جعل بريطانيا ملتقى عناصر إرهابية فهي قضية تعرض مصالحها مع الدول الخليجية إلى المراجعة وإعادة النظر أسوة بكل ما يجري في العلاقات الدولية إذا ما شعرت أن أمنها تهدده قوى خارجية أياً كانت صفتها ورأيها..

بريطانيا كانت حساسة أمام نزاعها مع إيرلندا، وعندما تشكّ في أي دولة تدعم حركة الانفصال أو تروج لأفكار تلك العناصر، فغالباً ما تستخدم كل أسلحتها الإعلامية والمادية، وكذلك الأمر في حربها مع الفوكلاند التي رأت فيها حقاً قانونياً رغم ما يفصلها بآلاف الأميال عن جزرها، وقد كان إبداء رأي في هذه القضية يعد عداءً، لها، فإذا كانت بريطانيا بهذه الحساسية، فعليها أن تراعي البلدان المتضررة، وأن لا تكون مساهِمة في زعزعة أمن واستقرار تلك الدول من خلال عناصر لا تراعي الحقوق والأمن الوطني والقومي..