ريم خليفة

قال المحلل اللبناني حازم صاغية إن ما تشهده المنطقة من اهتزازات سياسية تحمل في طياتها حديثاً عن السنة والشيعة في الآونة الأخيرة يُعبّر عن أزمة تتمثل بالدرجة الأولى بمدى تفعيل وتطبيق مفهوم المواطنة في العالم العربي، لأن مسألة الانتماء إلى الوطن غير موجودة بالقدر الكافي لمنافسة الولاء المذهبي أو القبلي، وحتى تفسير laquo;الولاءraquo; إلى الوطن في مجتمعاتنا الحالية ليس له معنى ثابت.

إن مواد التربية الوطنية لم تنتج لنا مفهوماً فاعلاً للمواطنة، وهي تسير في اتجاه خاطئ، بدليل ان الممارسات التي تعصف بنا حالياً انما هي نتاج فكر لا يحترم الآخر، بل نتاج فكر يحث على التناحر والتنابز من أجل إثارة الفتن والقلاقل.

صاغية تحدث في لقاء أجرته laquo;مونت كارلوraquo; الدولية أمس الأول (الإثنين) في تحليل عن الأوضاع الراهنة في بلدان أثيرت فيها قضايا بين السنة والشيعة والشروع في اتخاذ إجراءات تهدف إلى laquo;تلقين الطرف الآخر درساًraquo; عبر استخدام حجج ووسائل مختلفة تحط في النهاية من قيمة المواطنة ومفهومها داخل الدولة فينتهي الأمر الى الحديث عن حماية تكوين الطائفة أو القبيلة، بينما يختفي مفهوم الدولة بمعناه الحديث.

كلام صاغية دقيق ومؤثر وهو يتكلم عن واقع مجتمعاتنا التي أصبح من الصعب الحديث فيها عن احترام إنسانية المواطن وخلفياته الثقافية والاجتماعية والعرقية، ولا وجود لثقافة العصر في أوساطنا، وهي ثقافة تشترط احترام حقوق المواطنة، وأن لا يتم اضطهاد أي شخص أو جماعة بسبب اللون أو العرق أو الدين أو الطائفة أو القبيلة.

إن الوطنية تحتاج الى منطلقات تربوية وتعليمية حضارية، بعيدة عن أية مفاهيم تفرق بين أفراد الشعب الواحد؛ لأن ذلك يتحول إلى عنصرية واضحة تلغي حقوق طرف ما، وتشكك في وطنية فئة من المجتمع تحت حجج واهية تستخدم لغة وثقافة بعيدة عن حب الوطن الحقيقي.

إن التحيز يفرق المجتمعات ويهدم المفاهيم الإيجابية القائمة على احترام التنوع والتعددية، وبالتالي فإن تشويه هذا الواقع يجعل الكثيرين يشعرون بالغربة في أوطانهم.