صلاح الجودر


الأحداث الأخيرة التي جرت في الشقيقة الكويت على خلفية ما جرى في ديوانية د. الحربش وخارجها، والتي انتقلت بدورها إلى مجلس الأمة، وما خلفته من تداعيات داخلية وعلى مستوى المنطقة، قد كشفت أن هناك أزمة أو بوادر أزمة، وما أكثرها في الكويت، فمنذ تأسيس مجلس الأمة عام 1962م وحتى يومنا هذا والساحة السياسية في الكويت تشهد الكثير من الأزمات والصدامات، وفي أوقات عصيبة يحتاج فيها الشعب الكويتي إلى مزيد من الأمن والاستقرار.
حتى عندما عادت الحياة النيابية بعد الغزو عام 1992م إلى يومنا هذا فقد تم حل أربعة مجالس برلمانية حلاً دستورياً إثر أزمات سياسية طاحنة، والمتأمل في تلك الأزمات والناظر إلى خلفياتها يجد أن السادة النواب هم أسباب اشتعالها، فالكويت اليوم في حالة مخاض سياسي كبير، فإما التماسك خلف ولاة أمرها وقيادتها السياسية، وإما إلى دولة المليشيات والكنتونات الطائفية والقبلية والحزبية، وعلى الوطن السلام!!.
وللوقوف على خلفية الأحداث الأخيرة كان لزاماً علينا التوجه إلى الشقيقة الكويت لمعرفة ما تحت الرماد عن قرب، لذا التقينا بمجموعة من الناشطين في الساحة السياسية الكويتية، وفي احدى الدواوين أبدى البعض استياءه مما يجري في الكويت من جهة، وإعجابه بالتجربة البحرينية الحديثة من جهة أخرى، وخلصوا إلى أن التجربة البحرينية قد جعلت لنفسها صمامات أمان لعدم الانزلاق في هذه الأزمات التي توقف مشاريع التنمية والبناء والإصلاح، فالبحرين قيادة حكيمة وضعت صمام الأمان أمام هكذا منزلقات كبيرة وخطيرة .
وعند الوقوف على تجربة البحرين نجد أن صمامات الأمان كثيرة، وأبرزها مجلس الشورى، وعدم استجواب رئيس الوزراء، ففي البحرين كانت تجربة مجلس الشورى رائدة، فهي صمام الأمان، وبوابة التشريع، ومجلس الحكماء والخبراء، مما جعل حالة من الاستقرار في المجلس الوطني، وأفشل الكثير من أطروحات الفتنة، ومشاريع الصراع، ودعوات الاقتتال، والمسألة الثانية هي عدم استجواب رئيس الوزراء، فقد أقفل المشرع هذا الباب، وأوصد عليه من أجل درء الفتنة والصدام، أو الدفع إلى تعطيل أداء الحكومة.
فالأزمة في الكويت في نهايتها هي تصفيات حسابات سياسية، رائدها في ذلك كما قال البعض: هم نواب التأزيم ونواب الصراخ، الذين يسعون إلى تحقيق مكاسب ذاتية وآنية على حساب الوطن في غياب صمام الأمان، لذا شهدت الكويت الكثير من الأزمات بسبب انفعالات بعض النواب بمجلس الأمة، والدليل هو حل البرلمان وتغير الوزارة لأكثر من مرة، وهذا الأمر لا يوجد في التجربة البحرينية، عيني عليها باردة!!.
لست معنياً بمن المخطئ في الكويت، الحكومة أم النواب، فهذا شأن داخلي في الشقيقة الكويت، ونحن نقف موقف الحياد في مسألة داخلية، ولكن من يقرأ الساحة الكويتية جيداً يرى أن هناك أيديا لا تريد الاستقرار للكويت ولا للمنطقة، تسعى لتأجيج الساحة، وإشاعة ثقافة الصدام، فكان الأولى بمجلس الأمة أن يتوجه إلى مصالح الناس، وأن يجعل التعاون عنوان العمل مع الحكومة، ولعل هذا الانفلات وهذا التصعيد مرده أنه ليس هناك ضابط دستوري لهذه الانفعالات!.
فما يحدث في مجلس الأمة الكويتي يلقي بضلالة على الديوانيات والمجالس والمنتديات، وأن تأجيج بعض النواب للوضع من أجل تمرير أجندتهم وبرامجهم لأمر خطير، فما ينشر من تصريحات وما يوزع من بيانات الهدف منها تجير الشارع السياسي نحو قضايا محددة، وتحريك البوصلة لجهة بذاتها، قبيلة أو طائفية أو حزبية، فمن يقف خلفهم، ومن يساندهم، ومن المستفيد من هذا الشحن السياسي بعد أن حولوا قبة مجلس الأمة إلى حلبة لتصفية الحسابات السياسية تحت مفهوم: الوكالة النيابية!!.