والدة البوعزيزي: فقدت ابني لكني فخورة بما فعل.. وخلف البنزين قصة اهانة وابواب موصدة


لندن

قالت والدة محمد البوعزيزي الذي أحرق نفسه في 17 كانون الاول/ديسمبر 2010 فتسبب في انتفاضة شعبية اطاحت بالرئيس التونسي زين العابدين انها 'فقدت ابنها لكنها تفتخر بما قام به'.
وقالت صحيفة 'اندبندنت' التي اجرت مقابلة مع والدته ان محمد البوعزيزي تحول بعد موته الى رمز للمظلومين والمضطهدين ـ خاصة أنه ضحى بحياته بعد أن فقد كل ما يملكه من متاع في الحياة وأُهين على يد شرطية من قوى الأمن.
ونقلت الصحيفة عن والدته منوبية قولها ان مناشدة ابنها للبنوك والمسؤولين كي يمنحوه وظيفة او يساعدوه لم تلق آذانا صاغية. واتهمت منوبية سلطات النظام البائد بأنها دفعت ابنها للانتحار: 'لقد دفعته الحكومة لفعل ما فعل. لم يمنحه مسؤولوها الفرصة، نحن فقراء واعتقدوا أنه لا حول لنا ولا قوة'.
وأضافت لقد 'فقدت ابني لكن انظر الى ما حدث وعدد الناس الذين انخرطوا' في الكفاح ضد النظام. وقالت الصحيفة ان مأساة محمد البوعزيزي عن الظلم وفقدان الأمل تعكس حالة الكثيرين من أبناء تونس وتجاربهم في تونس المعاصرة. فالبوعزيزي عاش في مدينة سيدي بوزيد التي تقع في عمق البلاد، الفقيرة والمختلفة ثقافيا عن العاصمة تونس والمدن الساحلية التي كانت تعيش فيها عائلة بن علي المرفهة في فيلاتها وبيوتها الفارهة.
وتشير الصحيفة الى قصة البوعزيزي الذي أنهى دراسته في البكالوريا ولم يعثر على وظيفة، في منطقة اهملتها الحكومة ولم تقم فيها باستثمارات واسعة.
وتقول انه اضافة للفقر فإن حس الإهانة في منطقة لم يبق للانسان فيها إلا كرامته هو ما دفع البوعزيزي لحرق نفسه، خاصة أن من قام بصفعه امرأة وهي شرطية كشف أن اسمها فايدة حمدي.
وتنقل الصحيفة عن ليلى (24 عاما) وهي واحدة من شقيقات وإخوة محمد، أن المعاملة القاسية التي لقيها (شقيقها) خاصة على يد امرأة، أشعرته بإهانة كبيرة.
ويظل حادث السوق جزءا من تراكمات الأحداث التي تعرضت لها العائلة التي شعرت بأنها ضحية للنظام وقسوته.
وتقول ليلى ان الحياة كانت دائما صعبة، خاصة بعد ما حدث للأرض التي كانت العائلة تستغلها مع الجيران في زراعة الزيتون واللوز. لكن الامور تغيرت بعد ان تراجع الوضع الاقتصادي وصادر البنك الأرض ولم تنفع مناشدة محمد البوعزيزي وعائلته في شيء. ناشدوا أيضا المحافظ (الوالي) ولا أحد سمع. ولم تكن عائلة البوعزيزي الوحيدة التي لقيت نفس المصير، بل هناك عائلات أخرى. 'لقد تجاهلنا الجميع'، تقول ليلى.
وقالت مهندسة في مجال الري اسمها أسماء الغريبي تعيش قريبا من بيت عائلة البوعزيزي: 'انظر الى هذه البلدة ، كيف يتداعى فيها كل شيء. لقد عشت في تونس العاصمة وكل ما أقوله ان الناس في السلطة لا يهتمون. الجميع فقدوا الصبر، لقد فعل محمد أمرا جعل الجميع ينتبهون الى ما يحدث'. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في مجلس البلدية اعترافه بالتقصير، لكنه قال 'لقد كنا جميعا خائفين من بن علي ورجاله. لم يكن أحد يتجرأ على توجيه النقد، لكن الأمور الآن تغيرت'.
وأكد سكان في بلدة بوزيد أنه بعد ان سكب محمد البنزين على نفسه اندلعت مظاهرات واضطرابات شاركت فيها كل القطاعات الشعبية تحت مظلة لجنة المقاومة الشعبية التي جمعت كل الأطراف وقامت باحتجاجات لمدة 10 أيام بدون اي دعم من الخارج، حسب مدير مدرسة، لزهر الغريبي.
وأشار التقرير الى دور انتشار الأخبار في سيدي بوزيد عبر الانترنت وجنازة البوعزيزي في إلهاب مشاعر الغضب. توفي محمد متأثرا بحروقه في الرابع من كانون الثاني/يناير الحالي فخرج في جنازته المئات وهم يهتفون 'وداعا محمد.. سننتقم. نبكي عليك اليوم وسيبكي الآخرون غدا'.
وتشير الصحيفة الى التغيير الذي حدث على والدة محمد التي قالت ان الحدث سيّسها وجعلها تهتم بالسياسة: 'أعرف الآن كيف أن بن علي كان يسرق البلاد، وكيف كان أقارب ليلى الطرابلسي ينهبون'. وتضيف: 'لا نريدهم أبدا، ولكن الوضع ليس سيئا فقط في تونس، أتذكر كيف كان زوجي يتحدث عن الفقر في ليبيا، فهناك يعاني الفقراء ايضا'. وتقول ان الكثير من الناس 'يقولون لي انني لم أفقد وحدي ابني بل كل البلدة فقدت ابنها. أنا فخورة بما فعل، أرغب بالذهاب لتونس كي أشاهد المظاهرات. جيد أن أعرف أن ابني لعب دورا في تغيير الوضع'.
وفي الوقت الحالي ينتظر شباب سيدي بوزيد التغيير الذي لن يحدث بسرعة. فقد نقلت الصحيفة عن مهندس عاطل كان يقف وظهر لحيط ان بن علي رحل ولكن رجاله لا يزالون في السلطة.
ولكنه يأمل ان تبقى ذكرى البوعزيزي حاضرة. في الوقت الحالي لا زال سكان تونس يبحثون عن النخبة التي قادت البوعزيزي لحرق نفسه وسط انباء عن قيام عائلة بن علي برشوة مسؤولين لترحيلهم ومع ان الحكومة المؤقتة اعلنت ان اعتقال 333 من عائلة بن علي الا انهم من الاقارب الاباعد.