واشنطن بوست
ليلى فاضل
في جهوده لتشكيل حكومة جديدة في لبنان تلقى حزب الله دعما رئيسيا يوم الجمعة الماضي عندما اعلن فصيل سياسي مهم على الساحة اللبنانية وقوفه وراء حزب الله وحلفائه.
فقرار الزعيم الدرزي وليد جنبلاط تأييده لسورية والمقاومة اول امس يعني ان حزب الله بات لديه ما يحتاجه من دعم في البرلمان لتسمية الرئيس المقبل للحكومة ويُنهي بذلك دور الحكومة الراهنة التي يؤيدها الغرب.
بالطبع لم يحدد جنبلاط عدد اعضاء البرلمان من تآلفه الذين سوف يصوتون لحزب الله وحلفائه، لكن الحزب كان بحاجة قبل يوم الجمعة الماضي لثمانية مقاعد فقط كي يشكل الاغلبية، ومن المعروف ان كتلة جنبلاط تسيطر على 11 مقعدا.
كان حزب الله الذي هو حركة شيعية قد انسحب من الحكومة التي يرأسها سعد الحريري الاسبوع الماضي احتجاجا على رفض الحريري التخلي عن المحكمة الدولية المثيرة للجدل التي تحقق في مقتل والده.
وادى ذلك الانسحاب الى انهيار الحكومة لكنها استمرت في اعمالها كحكومة مؤقتة.
تطور جديد
بعد هذا طرأ تطور جديد على الساحة اللبنانية عندما وصف جنبلاط، الذي كان مؤيدا للتحقيق مرة، المحكمة بأنها تشكل تهديدا للوحدة الوطنية والامن الوطني قائلا خلال مؤتمر صحافي يوم الجمعة الماضي ان حزبه سوف يقف ثابتا في تأييده لسورية والمقاومة اي لحزب الله.
بيد ان قرار هذا الحزب اسقاط حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها الحريري هو قرار خطير ويمكن ان ينطوي على عواقب سلبية.
فحتى بعد اعلان جنبلاط الاخير، ليس ثمة ما يضمن ان يتمكن حزب الله من تسمية الرئيس المقبل للحكومة حينما يدعو الرئيس اللبناني ميشيل سليمان لعقد محادثات رسمية لهذا الغرض يوم الاثنين المقبل.
كما انه من غير الواضح ما اذا كان تحالف حزب الله مستعدا للحكم فربما تجد هذه المجموعة هذه المسؤولية اقل جاذبية من دورها الراهن في المعارضة.
من ناحية اخرى، اصبح لبنان منذ انهيار حكومة الوحدة بؤرة استقطاب اكبر بين الحريري، السُني الذي تدعمه الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وبين حزب الله الذي تؤيده سورية وايران.
واذا ما طالت حالة الشلل السياسي الراهنة او تحولت للعنف، سيكون حزب الله عندئذ هو المسؤول عن ذلك.
ويحدث هذا في وقت يسير فيه الحزب في الواقع على خيط رفيع في محاولته ابعاد اتهامات المحكمة الدولية لبعض اعضائه في التورط بمقتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري.
كان الحزب قد انكر بقوة اي تورط له في هذه القضية، وتساءل كثيرا حول مصداقية المحكمة الدولية التي وصفها بانها اداة بيد الامريكيين والاسرائيليين.
ومن الواضح ان الحزب يريد وقف تعاون لبنان مع التحقيق الدولي دون ان يبدو كمن يستخدم القوة في ذلك او ان يدفع السُنة للنفور منه في العالم العربي.
يقول روبرت مولي، المدير الاقليمي لمجموعة الازمات الدولية: الحقيقة ليس بوسع حزب الله الوقوف مكتوف الايدي لكنه يعرف ايضا ثمن مغالاته في العمل، لذا هو يأمل بالحصول على التنازلات التي يريدها من خلال زيادة الضغط تدريجيا.
استخدام القوة
ولعل من المفيد الاشارة هنا الى ان حزب الله كان قد استخدم القوة عام 2008 وسيطر على قطاعات كبيرة من بيروت.
لكن على الرغم من ان هذه العملية اظهرت انه القوة العسكرية الاقوى في لبنان الا انها لطخت سمعته لدى السُنة.
على اي حال، يتعين ان يكون رئيس الحكومة بموجب الدستور اللبناني شخصية سنية لذا اذا تمكن حزب الله وحلفاؤه من تأمين الاغلبية في البرلمان، عليهم عندئذ اختيار مرشح يتمتع بمصداقية كافية بين السنة كي يتجنبوا اندلاع اضطراب مدني.
يقول بول سالم الذي يعمل في معهد كارنيجي للسلام الدولي: يحاول حزب الله ان يتجنب تكرار ما فعله في 2008 لكنه يجد نفسه محشورا في الزاوية بشكل متزايد.
لذا عمل الحزب حتى الآن في الازمة الراهنة من خلال النظام السياسي لانه يعرف برأي المحللين ان اي استخدام للسلاح داخل لبنان سوف يؤدي لتدمير سمعة الحزب داخليا وفي المنطقة ويدفع جيران لبنان العرب السنة للنظر اليه كميليشيا طائفية وليس كحركة مقاومة عربية ضد اسرائيل.
حول هذا يقول تيمور غوكسيل وهو محلل اقليمي يعمل في بيروت: اذا لجأ الحزب للقوة سيدفع العالم العربي كله عندئذ للانقلاب عليه، وهو بالطبع ليس حزبا ساذجا ليفعل ذلك.
تعريب نبيل زلف
التعليقات