سعد محيو

أشرنا بالأمس إلى العناصر المحلية لrdquo;العاصفة الكاملةrdquo; في لبنان . ماذا الآن عن مكوناتها الإقليمية والدولية؟

فرنسا، ldquo;الراعي الأولrdquo; دولياً للكيان اللبناني منذ أن ldquo;صنّعrdquo; الرئيسان شيراك وبوش العام 2004 القرار ،1559 كانت واضحة وجلية حين حددت على لسان رئيسها ساركوزي قبل يومين ثلاثة أسباب لاندلاع الأزمة اللبنانية الجديدة: تحويل الأنظار عن ملف التسلح النووي الإيراني، جمود محادثات التسوية بين الفلسطينيين وrdquo;الإسرائيليينrdquo;، ومسؤولية سوريا عن انهيار حكومة الوحدة الوطنية في لبنان .

الإدانة لطهران كانت متوقعة، بسبب الموقف التصادمي الذي تتخذه فرنسا الساركوزية ضد سياسات النظام الإيراني النووية والإقليمية . لكن الاتهامات لدمشق كانت مفاجئة بسبب حرص ساركوزي على مواصلة سياسة مد الجسور معها بصفتها معبر دخوله إلى المشرق العربي . فهل يعني ذلك أن العاصفة الكاملة ستلفح قريباً وجه العلاقات السورية - الفرنسية؟

إذا ماكان الأمر كذلك، فهذا سيكون نذير سوء بالنسبة إلى لبنان، حيث ستشعر سوريا أنها في حلّ من أي التزامات نحو فرنسا حيال التوازنات السياسية اللبنانية .

الأمر نفسه ينطبق على العلاقات السورية - الأمريكية، خاصة بعد أن أكدت الولايات المتحدة أنها ستقطع المساعدات على لبنان وتعزله دولياً (كما غزة) في حال تم تشكيل حكومة لبنانية يسيطر عليها حزب الله ولا تُمثّل، بالتالي، كل لبنان .

الآن، إذا ما أضفنا هذه المواقف الأمريكية والفرنسية الخطيرة إلى انهيار التنسيق السوري - السعودي حيال لبنان، ومزجنا هذا الكوكتيل بإعلان خامنئي الحرب الشاملة على المحكمة الدولية وبتشديد ldquo;إسرائيلrdquo; على أنها ldquo;لن تقبل وجود حكومة في بيروت يُسيطر عليها حزب اللهrdquo;، فعلامَ سنحصل؟

على الظروف نفسها تقريباً التي كانت موجودة العام ،1975 حين تحوّل لبنان إلى ساحة الصراع الدموية الرئيسية بين أنصار التسوية مع ldquo;إسرائيلrdquo; بقيادة الرئيس أنور السادات ومن ورائه الولايات المتحدة، وبين جبهة الممانعة بقيادة الرؤساء حافظ الأسد وصدام حسين ومعمر القذافي ومن ورائهم الاتحاد السوفييتي .

الفارق الآن بين مرحلة 1975 و2011 هو أن جوهر الصراع ليس القضية الفلسطينية (التي أصبحت تأثيراتها ldquo;جانبيةrdquo; كما قال ساركوزي)، بل المواجهة الشاملة بين ثلاثة مشاريع إمبراطورية في الشرق الأوسط: الأمريكي وrdquo;الإسرائيليrdquo; والإيراني، مع وجود مشروع امبراطوري رابع ينتظر وراء الكواليس: العثمانية الجديدة .

العنوان المباشر الذي تجرى تحته هذه المجابهة الآن هو المحكمة الدولية، التي تريدها الولايات المتحدة أداة لتجريد إيران وحزب الله من أي شرعية دولية ووضعهما في قفص مُحكم الإغلاق، ولتسليط سيف ديموقليطس دائم على رأس سوريا . ولأن طهران ودمشق تعرفان ذلك، فهما ستبذلان المستحيل لتطويق مفاعيل هذه المحكمة . كيف؟ أساساً عبر قطع دابر الصلة بينها وبين الطرف الذي ناشد الأمم المتحدة تشكيلها: الحكومة اللبنانية .

بيد أن المحكمة الدولية ليست كل الحرب، بل هي مجرد عنصر من عناصرها . صحيح إنها عنصر بالغ الأهمية في عصر بات فيه القانون الدولي سلاحاً من أسلحة السياسات الدولية، كما أثبتت ذلك محاكم يوغوسلافيا والسودان، إلا أنها ليست الورقة الوحيدة . إذ إلى جانبها أوراق عدة أخرى أمنية وعسكرية واقتصادية واستراتيجية .

فهل يكون لبنان أيضاً ساحة صراع بين هذه الأوراق أيضا؟ ربما . إذ هذه هي السمات الرئيسية لrdquo;العاصفة الكاملةrdquo; .