يعقوب أحمد الشراح

دروس كثيرة كشفتها الانتفاضة او الثورة التونسية التي ادت الى تغييرات كبيرة في نظام الحكم التونسي بسبب الارادة الشعبية التي فرضت نفسها على الساحة فأسقطت الديكتاتورية في موجة شعبية عنيفة تطالب بالحريات والرفاهية والخدمات وعدم تكسب الحاكم ومن حوله على حساب الشعب المضطهد الذي يعاني الفقر والبطالة.
الخطر الداهم من اي ثورة او انتفاضة ان تصل تأثيراتها الى اماكن اخرى فتشكل قوة مدمرة على مجتمعات تتماثل ظروفها، حيث تعاني القهر والاستبداد والفقر، هذا الخطر الذي نعنيه يتمثل في احتمالات امتداد الانتفاضة التونسية إلى دولة اخرى في المنطقة وعلى وجه الخصوص دول شمال افريقيا التي تتماثل اوضاعها مع اوضاع تونس من حيث البيئة والجغرافيا والسكان والاوضاع الاقتصادية والسياسية والاستياء الشعبي، خصوصاً من انتشار البطالة، وارتفاع اسعار المواد الغذائية وتغلغل اوجه الفساد، ولقد شاهدنا بوادر لهذه الازمة في بعض دول المنطقة، حيث سعى بعض الافراد لحرق انفسهم في الاماكن العامة تعبيراً عن غضبهم للحالة التي يعيشونها، وقامت مسيرات شعبية تطالب باسقاط الحكومة.
لاشك ان اكثر المعاناة تتصل بالبطالة وبالاحوال المعيشية المزرية خصوصاً عند الشباب الذي لا يجد المسكن الملائم او الخدمات من تعليم وصحة وغذاء ومال تعينه على تلبية طموحاته المستقبلية، فماذا يفعل الشباب العاطل عن العمل في مجتمعات تهيمن على اقتصادياتها القوى المتنفذة التي تتمتع بكل المزايا الحياتية بينما الغالبية من سكان المجتمع تعيش تحت خط الفقر والاهانة والحرمان من ابسط حقوقها من عمل وتعليم واستقرار معيشي.
ما حصل في تونس ودول اخرى من اضطرابات شعبية وثورات تطالب بالعمل والمسكن وبتحسين اوضاعها المعيشية تعكس دور الحركة الشبابية في هذه المجتمعات كقوة فاعلة ومؤثرة في التغيير والاصلاح، فالثورة التونسية التي اشتعلت بعد تراكم دخانها اعواماً طويلة ستفتح الباب الى تحركات شعبية في دول اخرى تعايش اوضاع تونس نفسها، لقد وصل صوت الجرس التونسي ارجاء الارض معبراً عن علاقة الطغيان بالفقر وتردي احوال الناس، خصوصا الشباب، وهو جرس ينبه عن الحالة الاجتماعية المزرية، ويترجم غضب الجماهير التي لن تظل مكتوفة الايدي امام هيمنة فئة قليلة على موارد الدولة بينما الغالبية لاتجد لقمة العيش، وتعاني اشد المعاناة من واقعها المزري والميؤوس، لاشك ان الانتفاضة التونسية سترسل تأثيراتها الى مناطق اخرى في عالمنا العربي الذي يعاني مشكلات الفقر والاستبداد وحاجته الى الاصلاحات التي تطور معيشة الناس من الوجوه كافة.