علي الخليلي

للربيع العربي أعداء كثيرون، قد يبدو للوهلة الأولى أن أخطرهم يكمن في فلول الأنظمة التي سقطت . غير أن هذه الوهلة تتراجع إلى الخلف، ضمن القرع المفاجئ لطبول حرب إقليمية بدأت تتدحرج على المستوى الإعلامي المدوي على الأقل، نحو المنطقة، لتكون هذه الحرب إذا نشبت بنيرانها الهائلة، محرقة لهذا الربيع كله، بما نجح منه حتى الآن (تونس ومصر وليبيا)، وما لم ينجح بعد (سوريا واليمن)، وما يتفاعل بهذا الشكل أو ذاك، في بقية الدول العربية .

هل يعني ذلك أن من يسعى إلى هذه الحرب، ويخطط لها، ويعمل على إشعالها، هو الأكثر عداء للربيع العربي؟ وبكلمات أخرى في صياغة السؤال، هل كان، أو سيكون الربيع العربي في ذاته، سبباً استراتيجياً مُلحّاً لمثل هذه الحرب؟

حين نعرف أطراف ومحاور هذه الحرب المحتملة، يمكن لنا أن نعرف ببساطة، طريقنا السليم للرد على هذه الأسئلة .

من الواضح، دون أدنى جهد في التحليل، وجود محورين بارزين: الأول، تمثله الولايات المتحدة وrdquo;إسرائيلrdquo; ومعظم دول الاتحاد الأوروبي . والثاني يتشكل من إيران وحلفائها في سوريا والعراق وحزب الله وحماس . وثمة محور ثالث لا يحمل بالضرورة، تسمية لدول معينة، بقدر ما يحمل تسمية اقتصادية بحتة . فهو على وجه الخصوص، محور الأزمة الاقتصادية العالمية، إذا جاز لنا أن نطلق على هذه الأزمة الطاحنة اسم أو مصطلح ldquo;المحورrdquo; . ولابد لنا من أن نضيف أيضاً، محوراً رابعاً يتكون من دول لا تشارك في الوقت الراهن على الأقل، في قرع الطبول، هي روسيا والصين، رغم أنها مشاركة حتى العظم، في التنبه الشديد، إلى مصالحها التي قد تتعرض للضرر الفادح حال نشوب هذه الحرب .

أين يقع الربيع العربي داخل شبكة هذه المحاور؟ وما علاقته بها أصلاً؟ ولماذا نفترض أن الحرب المتوقعة فيما بينها سوف تعصف به؟ بل لماذا افترضنا قبل قليل، أن هذا الربيع الذي يمثل أرقى طموحات الشعوب العربية إلى الحرية والكرامة والديمقراطية، سيكون في مرحلة ما، من مراحله المقبلة، سبباً كافياً لاندلاع هذه الحرب، بعد أن كان سببا خفياً في قرع طبولها؟

قبل الرد على هذه الأسئلة، لابد من التوافق على التعامل مع أسئلة مغايرة، مثل: هل ثمة من يصدق أن الولايات المتحدة تدعم الربيع العربي، كما تزعم وتدعي؟ وهل ثمة من يصدق أن دول الاتحاد الأوروبي، حريصة على نجاح هذا الربيع؟ وهل ثمة من يصدق أن روسيا والصين من كبار المرحبين بالثورات العربية الجديدة؟ ومن البداهة أن ldquo;إسرائيلrdquo; التي تسحق طموحات الشعب الفلسطيني بالنار والدم، وتصادر حقه في الحرية والاستقلال، تقف ضد الربيع العربي، وتعمل على إفشاله، وعلى إغراق البدان العربية كلها، بزلازل الخراب والدمار . ومن البداهة أيضاً، أن إيران منزعجة من هذا الربيع، أو أنها ترغب بتطويعه وفق رؤيتها للمنطقة بشكل عام .

بالطبع، يمكن أن نضيف محوراً خامساً وسادساً، إلى المحاور السابقة، إلا أن الأهم من التفتيش عن ظلال محاور أخرى، هو البحث الجدي عن كل ما يحمي الربيع العربي من محرقة الحرب الإقليمية . فكيف لشعوب هذا الربيع، أن تسهم في تحقيق هذه الحماية؟ أم أنها سوف تستطيع أن تمنعها