يديعوت

يُخيل إلينا أنه في جميع أنحاء اسرائيل من قمة جبل الشيخ الى شاطيء ايلات، لم يكن في الاسبوع الماضي حتى واحد واحد! تذكر الذكرى السنوية الـ 17 لتوقيع معاهدة السلام مع المملكة الاردنية الهاشمية، التي تحل في السادس والعشرين من تشرين الاول.
لم يحظ السلام مع الاردن بعلاقات عامة جيدة مثل اتفاق اوسلو في بدايته، ويبدو لنا مفهوما من تلقاء ذاته: فالاردنيون لم يشاركوا مثلا في حرب يوم الغفران ومتى كان اذا وجد أصلا آخر دخول للارهاب من الاردن؟ أي شيء يُخاف على أقوى جيش في الشرق الاوسط، من طرابلس حتى طهران وفي ضمن ذلك طهران كما قال أمس وزير الدفاع. فحقيقة أنه على حدود اسرائيل مع الاردن من الجانب الاسرائيلي للحدود، يراقب اليوم جنود اسرائيليون قلة يعدهم فتى صغير.
كنا ربما نتابع نهج الكتابة التهكمي هذا لولا أنه وقع شيء في المدة الاخيرة فعلى مبعدة آلاف الكيلومترات عنا، في امريكا البعيدة، أعلن الرئيس براك اوباما نيته أن يُجلي في غضون زمن قصير، قوات الولايات المتحدة عن العراق.
كان يمكن عدم الاهتمام بتصريح اوباما هذا لولا أن القرار في واشنطن البعيدة يتعلق ببغداد القريبة، وبحياة كل واحد وواحدة منا على الأخص.
إن خروج القوات الامريكية من العراق في خضم الاضطراب والفوضى والمعمعة هناك'سيُمكّن ايران الجارة من أن تحاول أن تفعل فيها فعلها بما تملك. وقد أصبح اليوم في العراق آلاف وهناك من يقولون عشرات الآلاف من الايرانيين يحاولون دق وتد في هذه الدولة الممزقة المنشقة. للايرانيين تأثير أخذ يزداد في العراق وقادتها وعاداتها، وهناك من يقولون انها لن تخفف قبضتها وستُمسك بحلوق العراقيين الكثيري الاحتياطي من النفط.
في هذه الحال فان الاردن هو الذي يحجز اليوم لا غيره، بين الايرانيين واسرائيل. سيقف الايرانيون على حدود الصحراء اذا علموا ان الاردنيين مستعدون لمحاربتهم واذا علموا ان قوة دولة اسرائيل، وهي مستعدة للمعركة، تقف من ورائهم نعني قوة اسرائيل التي تبدأ بطرابلس وتنتهي في أزقة طهران، كما يقول اهود باراك.
في هذا الوضع الهش والحساس والخطير، من الواجب المباشر على دولة اسرائيل ان تدعم المملكة وأن تدعم الملك وان تؤثر في الولايات المتحدة لتتخلى مرة اخرى عن ديون تبلغ مئات الملايين الاردن مدين لها بها، وان تتحدث الى الاردنيين وان تهاتف الملك وان تنشيء علاقات كثيرة بهم كما فعل مثلا اسحق رابين؛ وأن تُحذر جيران الاردن العُصاة من يد اسرائيل الطويلة.
هذا ما كان يجب فعله. فماذا يفعلون؟ كان في اسرائيل ويوجد عدد كاف من الحمقى يعلنون مرة بعد اخرى ان 'الاردن هو فلسطين' ويثيرون بذلك غضب القصر ومؤيدوه. وهم في الاردن على ثقة'من أن كل مقالة كهذه تحصل على ختم الحِل من بنيامين نتنياهو وتُعبر عن رأيه ونتنياهو صامت. والمساعدة الاسرائيلية، السياسية والاقتصادية، يتأخر مجيئها، ويُبين الاردنيون الساكتون علامات يأس من اسرائيل. وقد أصبح الملك نفسه في أقصى درجات الغضب وخيبة الأمل واليأس.
هل نريد 'ربيعا عربيا' في عمان؟ ان 'ربيعا عربيا' سيأتي بالايرانيين الى الاردن، واذا أصبح هذا فلسطين فسيستطيع 'حرس الثورة''والايرانيون الانتقال من إربد والسلط وعمان انتقالا حرا الى قلقيلية، وهكذا سنحظى بأن نراهم على مبعدة 'دقيقتين عن كفر سابا'. أهذا ما نريده؟.